وعدّة من الأعراض ، ووضعوا الهيئات من المركبات والمشتقات للنسب والروابط ، ووضعوا الحروف للأعراض النسبية الإضافية. فكلمة ( في ) مثلاً في قولنا : زيد في الدار ، تدل على العرض الأيني العارض على موضوعه كزيد ، والهيئة تدل على ربط هذا العرض بموضوعه وهكذا.
وإن شئت قلت : إنّ المعاني منحصرة بالجواهر والأعراض وربطها بمحلّها ولا رابع لها ، ومن المعلوم أنّ الحروف لم توضع للُاولى ولا لبعض الأقسام الثانية ، لأنّ الموضوع لها الأسماء ، ولا للثالثة لأنّ الموضوع لها الهيئات ، فلا محالة تكون موضوعة للأعراض النسبية الاضافية. فكلمة ( في ) وضعت للأين الظرفي ، وكلمة ( من ) للأين الابتدائي وهكذا. ولا فرق في ذلك بين أقسام الحروف مطلقاً من الداخل على المركبات الناقصة والداخل على المركبات التامّة كحروف التمني والترجي والتشبيه ونحوها (١).
والجواب عنه : يظهر بما ذكرناه من الجواب عن القول الرابع ، وتوضيح الظهور :
أوّلاً : أنّا نقطع بعدم كون الحروف موضوعة للأعراض النسبية الاضافية ، لصحّة استعمالها فيما يستحيل فيه تحقّق عرض نسبي كما في صفات الواجب تعالى والاعتبارات والانتزاعيات ، فانّ العرض إنّما هو صفة للموجود في الخارج فلا يعقل تحققه بلا موضوع محقق خارجاً ، وعليه فيستحيل وجوده في تلك الموارد.
وكيف كان ، فلا شبهة في فساد هذا القول ، فانّ صحّة استعمال الحروف في الواجب والممكن والممتنع على نسق واحد بلا لحاظ عناية في شيء منها ، تكشف كشفاً قطعياً عن أنّ الموضوع لها المعنى الجامع الموجود في جميع هذه
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ : ٤٩.