ولنأخذ بالنقد على ما أفاده قدسسره وحاصله : أنّ ما ذكره في إطاره وإن كان في غاية الصحّة والمتانة ، إلاّ أنّه لا صلة له بما ذكرناه ، والسبب في ذلك : أنّ لكل لفظ حيثيتين موضوعيتين :
الاولى : حيثية صدوره من اللافظ خارجاً وقيامه به كصدور غيره من الأفعال كذلك.
الثانية : حيثية تحققه ووجوده في الخارج.
فاللفظ من الحيثية الاولى وإن كان قابلاً للتصريف والاشتقاق ، إلاّ أنّ لفظ الأمر لم يوضع بازاء القول المخصوص من هذه الحيثية ، وإلاّ لم يكن مجال لتوهم عدم إمكان الاشتقاق والصرف منه ، بل هو موضوع بازائه من الحيثية الثانية ، ومن الطبيعي أنّه بهذه الحيثية غير قابل لذلك كما عرفت. فما أفاده قدسسره مبني على الخلط بين هاتين الحيثيتين.
الجهة الثانية : هل أنّ العلوّ معتبر في معنى الأمر أم لا؟
الظاهر اعتباره ، إذ لا يصدق الأمر عرفاً على الطلب الصادر من غير العالي ، وإن كان بنحو الاستعلاء وإظهار العلوّ.
وعلى الجملة : فصدوره من العالي منشأ لانتزاع عنوان الأمر والبعث والتحريك والتكليف وما شاكل ذلك ، دون صدوره عن غيره ، بل ربّما يوجب توبيخه باستعماله الأمر.
ويدلّنا على ذلك : مضافاً إلى مطابقة هذا للوجدان ، صحّة سلب الأمر عن الطلب الصادر من غير العالي ، بل يستحق التوبيخ عليه بقوله : أتأمر الأمير مثلاً ، ومن المعلوم أنّ التوبيخ لا يكون على أمره بعد استعلائه ، وإنّما يكون على استعلائه واستعماله الأمر.