الأقوال في المسألة
قال المحقق صاحب الكفاية قدسسره إنّ الأقوال في المسألة وإن كثرت ، إلاّ أنّها حدثت بين المتأخرين بعد ما كانت ذات قولين بين المتقدمين ، لأجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مبادئه في المعنى ، أو بتفاوت ما يعتريه من الأحوال ، وقد مرت الإشارة إلى أنّه لا يوجب التفاوت فيما نحن بصدده (١).
أقول : الصحيح كما أفاده قدسسره وذلك لما عرفت من أنّ مركز البحث والنزاع هنا في وضع هيئة المشتق وفي سعة معناه وضيقه واختلافه من كل من الناحيتين المزبورتين أجنبي عن المركز بالكلية.
ولشيخنا الاستاذ قدسسره (٢) في المقام كلام وحاصله : هو أنّ النزاع في وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدأ فعلاً أو للأعم منه مبتنٍ على البساطة والتركب في المفاهيم الاشتقاقية ، فعلى القول بالتركب حيث إنّه قد اخذ في مفهوم المشتق انتساب المبدأ إلى الذات ، ويكفي في صدق الانتساب التلبّس في الجملة ، فلا محالة يكون المشتق موضوعاً للأعم ، وعلى القول بالبساطة فمفهوم المشتق ليس إلاّنفس المبدأ المأخوذ لا بشرط فهو ملازم لصدق نفس المبدأ ، ومع انتفائه ينتفي العنوان الاشتقاقي لا محالة ، ويكون حاله حينئذ حال الجوامد في أنّ المدار في صدق العنوان فعلية المبدأ ، وإن كان بينهما فرق من جهة اخرى ، وهي أنّ شيئية الشيء حيث إنّها بصورته لا بمادته ، فالمادة لا تتصف بالعنوان أصلاً ، ولذا لا يصح استعمالها في المنقضي عنه وما لم يتلبس به بعد ولو مجازاً.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٥.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١١٠ وما بعدها.