الزائد عليه نرجع إلى أصالة العدم.
وقد أجاب عنه شيخنا الاستاذ قدسسره (١) بأنّ نسبة صيغ العقود إلى المعاملات ليست نسبة الأسباب إلى مسبباتها ، ليكونا موجودين خارجيين يترتب أحدهما على الآخر ترتباً قهرياً ، ويكون تعلق الارادة بالمسبب بتبع تعلقها بالسبب من جهة أنّ اختيارية المسبب باختيارية السبب ، كما هو الحال في جميع الأفعال التوليدية ، بل نسبتها إليها نسبة الآلة إلى ذيها ، والارادة تكون متعلقة بنفس المعاملة ابتداءً ، كما هو الحال في سائر الانشاءات ، فان قولنا :
بعت أو صلّ ليس بنفسه موجداً للملكية أو الطلب في الخارج ، نظير الالقاء الموجد للاحراق ، بل الموجد في الواقع هو الارادة المتعلقة بايجاده انشاءً.
فتحصّل : أنّه إذا لم تكن الصيغ من قبيل الأسباب ، والمعاملات من قبيل المسببات ، فلم يكن هناك موجودان خارجيان مترتبان كي لا يكون إمضاء أحدهما إمضاءً للآخر ، بل الموجود واحد ، غاية ما في الباب أنّه باختلاف الآلة ينقسم إلى أقسام عديدة ، فالبيع المنشأ بالمعاطاة قسم ، وبغيرها قسم آخر ، وباللفظ العربي قسم ، وبغير العربي قسم آخر وهكذا ، فإذا كان دليل إمضاء البيع مثلاً في مقام البيان ولم يقيّده بنوع دون نوع ، فيستكشف منه عمومه لجميع الأقسام والأنواع ، كما في بقية المطلقات حرفاً بحرف ، هذا ما أجاب به قدسسره عن الاشكال.
ولكن لا يمكن المساعدة على ما أفاده قدسسره وذلك لعدم الفرق في محل الكلام بين أن يعبّر عن صيغ العقود بالأسباب أو يعبّر عنها بالآلات ، فان أدلة الامضاء إذا لم تكن ناظرة إلى إمضاء تلك الصيغ فلا يفرق بين كونها أسباباً
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٧٣.