اللحاظين الآلي والاستقلالي.
فقد ظهر ممّا ذكرناه إمكان الوضع التعييني على أن يكون الدال عليه نفس الاستعمال ، مع نصب القرينة على ذلك.
وأمّا الكلام في المقام الثاني : فالظاهر أنّه لا شبهة في وقوع الوضع التعييني على هذا النحو خارجاً ، بل لعلّه كثير بين العرف والعقلاء في وضع الأعلام الشخصية والمعاني المستحدثة ، وعليه فدعوى ثبوت الحقيقة الشرعية بالوضع التعييني على النحو المزبور في الجملة غير بعيدة.
إنّما الإشكال في أنّ ذلك الاستعمال ، هل هو استعمال حقيقي أو مجازي ، أو لا هذا ولا ذاك؟ وجهان ، بل قولان.
فقد اختار المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) الاحتمال الأخير ، بدعوى أنّه لايكون من الاستعمال الحقيقي ، من جهة أنّ الاستعمال الحقيقي استعمال اللفظ في المعنى الموضوع له ، والمفروض أنّه لا وضع قبل هذا الاستعمال ، ليكون الاستعمال استعمالاً فيه ، وأمّا أنّه لا يكون من الاستعمال المجازي ، فلأجل أنّ الاستعمال المجازي استعمال اللفظ في المعنى المناسب للمعنى الموضوع له ، والمفروض أنّه لا وضع قبل هذا الاستعمال ، ومعه لا يعقل المجاز ، فانحصر أن لا يكون ذلك الاستعمال حقيقياً ولا مجازياً ، وقد ذكرنا أنّ صحّة الاستعمال لا تدور مدار كونه حقيقياً أو مجازياً ، بل صحّ الاستعمال بدون أن يكون متصفاً بأحدهما إذا كان حسناً عند الطبع ، وقد عرفت أنّ إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله من هذا القبيل هذا محصل ما أفاده قدسسره.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١.