وقد أجاب عن المحذور الأوّل صاحب الكفاية (١) وشيخنا الاستاذ (٢) قدسسرهما بأنّ المبدأ في الصفات العليا له تعالى وإن كان عين ذاته المقدّسة ، إلاّ أنّ الاتحاد والعينية في الخارج لا في المفهوم واللحاظ ، فانّ مفهوم المبدأ كالعلم أو القدرة مغاير لمفهوم ذاته تعالى ، وتكفي المغايرة المفهومية في صحّة الحمل والجري ، ولا يلزم معها حمل الشيء على نفسه.
وعلى هذا الضوء أوردا على الفصول قدسسره بأ نّه لا وجه للالتزام بالنقل والتجوّز في الصفات الذاتية له تعالى ، فانّ مبادءها كما عرفت مغايرة للذات مفهوماً.
وأورد شيخنا الاستاذ قدسسره ثانياً بعين ما أورد في الكفاية على الجهة الثانية ، وهو أنّ الالتزام بالنقل والتجوّز يستلزم تعطيل العقول عن فهم الأوراد والأذكار بالكلّية ، ويكون التكلم بها مجرّد لقلقة اللسان.
وأورد في الكفاية على الجهة الثانية ، وهي أنّ اعتبار التلبّس والقيام يقتضي الاثنينية ، بأ نّه لا مانع من تلبس ذاته تعالى بمبادئ صفاته العليا ، فانّ التلبّس على أنحاء متعددة : تارةً يكون التلبّس والقيام بنحو الصدور. واخرى بنحو الوقوع. وثالثةً بنحو الحلول. ورابعةً بنحو الانتزاع كما في الاعتبارات والاضافات.
وخامسةً بنحو الاتحاد والعينية كما في قيام صفاته العليا بذاته المقدّسة ، فانّ مبادءها عين ذاته الأقدس ، وهذا أرقى وأعلى مراتب القيام والتلبّس وإن كان خارجاً عن الفهم العرفي (٣).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٥٦.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٢٥.
(٣) كفاية الاصول : ٥٧.