الشيء لغيره ، كذلك تصدق على واجدية الشيء لنفسه ، ومن هذا القبيل واجدية الله تعالى لصفاته الكمالية ، وإن كانت الواجدية بهذا المعنى خارجة عن الفهم العرفي إلاّ أنّه لا يضر بعد الصدق بنظر العقل.
وعلى هذا فلا أصل لاشكال استحالة تلبس الشيء بنفسه.
وأمّا الكلام في الجهة الثالثة : وهي استلزام النقل تعطيل العقول عن فهم الأوراد والأذكار ، فالظاهر أنّه لا يتم في محل الكلام وإن تمّ في مقام إثبات أنّ مفهوم الوجود واحد ومشترك معنوي بين الواجب والممكن كما ذكره السبزواري في شرح منظومته (١) وغيره.
أمّا أنّه لا يتم في المقام ، فلأنّ المغايرة بين المبدأ والذات حسب المتفاهم العرفي واللغوي من المشتقات الدائرة في الألسن أمر واضح لا ريب فيه ، وقد مرّ أنّ الاتحاد والعينية بينهما خارج عن الصدق العرفي ، فلا يصح حينئذ إطلاق المشتق عليه تعالى بهذا المعنى المتعارف.
وإن شئت فقل : إنّ المبدأ فيه عين ذاته المقدّسة فلا تغاير بينهما أصلاً ، فلا محالة يكون إطلاقه عليه بمعنى آخر مجازاً ، وهو ما يكون المبدأ فيه عين الذات ، فلايراد من كلمتي العالم والقادر [ في ] قولنا يا عالم ويا قادر مثلاً معناهما المتعارف ، بل يراد بهما من يكون علمه وقدرته عين ذاته ، وإليه أشار بعض الروايات (٢) إنّ الله تعالى علم كلّه وقدرة كلّه وحياة كلّه ، ولعل هذا هو مراد الفصول من النقل والتجوّز. وعليه فلا يلزم من عدم إرادة المعنى المتعارف من صفاته العليا لقلقة اللسان وتعطيل العقول.
__________________
(١) شرح المنظومة ( الحكمة ) : ١٧.
(٢) بحار الأنوار ٤ : ٨٤ ح ١٧ ، ١٨ ( نقل بالمضمون ).