لا حدوثاً ولا بقاءً نظرة صحيحة موضوعية وقع في هذا الاشتباه والخطأ ، بيان ذلك :
أنّ ما هو معلول للمهندسين والبنّائين وآلاف من العمّال في بناء العمارات والدور بشتّى ألوانها ، وصنع الطرق والجسور والوسائل المادية الاخرى بمختلف أشكالها ، من السيّارات والطيّارات والصواريخ والمكائن وما شاكلها ، إنّما هو نفس عملية بنائها وصنعها وتركيبها وتصميمها في إطار مخصوص ، ومن الطبيعي أنّ تلك العملية نتيجة عدّة من حركات أيدي الفنّانين والعمّال والجهود التي يقومون بها ، ونتيجة تجميع المواد الخام الأوّلية من الحديد والخشب والآجر وغيرها لتصنيع هذه الصناعات وتعمير تلك العمارات ، ومن المعلوم أنّ ما هو معلول للعمّال والصادر منهم بالارادة والاختيار إنّما هو هذه الحركات لا غيرها ، ولذا تنقطع تلك الحركات بصرف إضراب العمّال عن العمل وكف أيديهم عنها.
وأمّا بقاء تلك الأشياء والظواهر على وضعها الخاص وإطارها المعيّن ، فهو معلول لخصائص تلك المواد الطبيعية ، وقوّة حيويتها ، وأثر الجاذبية العامّة التي تفرض على تلك الجاذبية المحافظة على وضع الأشياء بنظامها الخاص ، ونسبة الجاذبية إلى هذه الأشياء كنسبة الطاقة الكهربائية إلى الحديد عند اتصاله بها بقوّة جاذبية طبيعية تجرّه إليها آناً فآناً بحيث لو انقطعت منه تلك القوّة لانقطع منه الجذب لا محالة.
ومن ذلك يظهر سرّ بقاء الكرة الأرضية وغيرها بما فيها من الجبال والأحجار والأشجار والمياه وما شاكلها من الأشياء الطبيعية على وضعها الخاص ومواضعها المخصوصة ، وذلك نتيجة خصائص طبيعية موجودة في صميم موادها ، والقوّة الجاذبية التي تفرض على جميع الأشياء الكونية والمواد الطبيعية. وقد أصبحت عمومية هذه القوّة في يومنا هذا من الواضحات وقد أودعها الله ( سبحانه وتعالى )