بها إبراز المعنى الذي تعلّق القصد بتفهيمه مثل ما إذا قصد إخفاء أمر عن الحاضرين في المجلس ، أو قصد تصديق شخص ، أو غير ذلك فيجعل مبرزه الاشارة باليد أو بالعين أو بالرأس ، فكذلك الألفاظ فانّه يبرز بها أيضاً المعاني التي يقصد تفهيمها ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية. نعم ، فرق بينهما من ناحية اخرى وهي أنّ الاشارة على نسق واحد في جميع اللغات والألسنة دون الألفاظ.
وعلى ضوء هذا البيان تبين أنّ كل مستعمل واضع حقيقة ، فانّ تعهد كل شخص فعل اختياري له ، فيستحيل أن يتعهد شخص آخر تعهده في ذمته ، لعدم كونه تحت اختياره وقدرته. نعم ، يمكن أن يكون شخص واحد وكيلاً من قبل طائفة في وضع لغاتهم ابتداءً لمعانيها فيضعها بازائها ـ يعني يجعلها مستعدة لابرازها عند قصد تفهيمها ـ ويتعهد بذلك ، ثمّ إنّهم تبعاً له يتعهدون على طبق تعهداته. أو يضع لغاتهم بلا توكيل من قبلهم بل فضولياً ولكنّهم بعد ذلك يتبعونه في ذلك ويتبانون على وفق تبانيه والتزاماته ، ومع هذا فهم واضعون حقيقة.
ومن هنا لا فرق بين الطبقات السابقة واللاّحقة ، غاية الأمر أنّ الطبقات اللاّحقة تتبعها في ذلك ، بمعنى أنّهم يتعهدون على وفق تعهداتهم وتبانيهم ، وقد تتعهد الطبقات اللاّحقة تعهدات اخرى ابتدائية بالنسبة إلى المعاني التي يحتاجون إلى تفهيمها في أعصارهم ، وقد سبق أنّ الوضع تدريجي الحصول فيزيد تبعاً لزيادة الحاجة في كل قرن وزمن.
ومن ذلك تبين ملاك أنّ كل مستعمل واضع حقيقة. وأمّا إطلاق الواضع على الجاعل الأوّل دون غيره فلأسبقيته في الوضع ، لا لأجل أنّه واضع في الحقيقة دون غيره.
ولكن ربّما يشكل بأنّ التعهد والالتزام حسب ما ارتكز في الأذهان ، أمر