مبنيّة حينئذ على لزوم قبح العقاب المتوقّف على ترك البيان اللازم ، وأمّا من باب الأخبار فهي تعبّد من الشارع ورخصة منه في الارتكاب فيتّبع حينئذ ما ثبت فيه التعبّد ، إن في مورد ففيه ، أو مطلقا فمطلقا ، ولا شبهة في ثبوته مطلقا ، فيكون التأخير عن أول الوقت حينئذ بترخيص الشارع المؤمّن من العقاب ، فلا مجرى للاشتغال.
وكيف كان ، فقاعدة البراءة التعبّدية مع الاستصحاب كذلك يقتضيان جواز التأخير ، فينفيان احتمال العقاب ، فلا مورد للاشتغال ، فعلى هذا فالقاعدة الأوّلية جواز التأخير ما لم يقطع بكون الوقت آخر أزمنة الإمكان.
وهل ثبت دليل وارد على القاعدة الأوّلية ، وعلى انقلابها في المقام مطلقا أو في الجملة؟
الحق : نعم في الجملة.
وبيانه : أنّ التمكّن من الفعل فيما بعد من الأمور المستقبلة ، ولا ريب أنّ باب العلم إليها منسدّ غالبا ، فذلك أوجب اعتبار الظنّ فيها بحكم العقل والعقلاء.
ألا ترى أنّهم يحكمون بلزوم دفع الضرر المظنون وقوعه فيما بعد (١) ، وكذلك يكتفون في أفعالهم وتجاراتهم وأسفارهم إلى البلدان البعيدة بالظنّ بالسلامة.
وكيف كان ، فاعتبار الظنّ في الأمور المستقبلة ممّا لا ريب فيه ، وما نحن فيه منها ، فيكون الظنّ حجّة في إحراز آخر أزمنة التمكّن ، فيكون واردا على القاعدة الأوّلية في مورده ، فلا يجوز التأخير حينئذ ، فلا عذر في دفع العقاب على
__________________
(١) ولو لا اعتبار الظنّ للزم الوقوع في المضارّ الكثيرة ، فإنّه لا يعلم بها إلاّ بعد الوقوع فيها. لمحرّره عفا الله عنه.