المتقدّم لم يكن هو عدم اجتماع المشروط مع الشرط المتأخّر وعدم تقارنهما ، بل إنّما هو لزوم حصول المعلول قبل حصول العلّة المؤدّي إلى التناقض.
نعم هنا إشكال آخر وارد على كلّ من الشروط الماضية والمستقبلة : وهو أنّ تلك الشروط ـ ماضية كانت أو مستقبلة ـ إنّما هي من قبيل العلل التامّة ، ولذا يقال : إن الجملة الشرطية تفيد علّية الشرط للجزاء وان كان ظاهر إطلاق لفظ الشرط عليها يفيد كونها بحيث لها دخل في الوجود في الجملة كما هو مصطلح الأصوليين ، لكنهم جروا في إطلاق لفظ الشرط على الجمل التالية لأدوات الشرط ـ من لفظ إن وأخواته ـ على اصطلاح النحويين ، حيث إنّه في مصطلحهم عبارة عن ذلك ، فأطلقوا لفظ الشرط تبعا لهم على ما هو علّة تامّة ، فإذا كانت تلك الأمور من قبيل العلل التامّة بالنسبة إلى ما علّق عليها فكيف يعقل تقدّمها أو تأخّرها بالنسبة إلى ما علّق عليها؟! لكونه مؤدّيا إلى انفكاك المعلول عن العلّة.
اللهمّ إلاّ أن يلتجأ في دفعه إلى ما يأتي من الحلّ.
نعم يمكن إرجاع الإشكال فيما نحن فيه إلى ما ذكر ، نظرا إلى أنّ امتناع تقديم المعلول على العلّة راجع إلى وجوب تقارنهما في الوجود الخارجي ، فيصحّ حينئذ جعل منشأ الإشكال لزوم عدم التقارن ، فافهم.
والحلّ ثانيا ـ بحيث يرتفع به كلتا الشبهتين بأنّ الشرط : قد يكون الوجود المطلق ـ أي الغير المقيّد بحالة خاصّة ـ كاشتراط الحجّ بالاستطاعة الحاصلة في أيّ زمان من غير اختصاص الشرطية بالتي تحصل وقت الموسم ، فحينئذ فلا إشكال في وجوب مقارنته وجودا للمشروط.
وقد يكون الوجود المقيّد بوصف خاصّ كطهارة يوم الخميس ـ مثلا ـ لوجوب الصوم على المرأة ، فلا يجب حينئذ وجوده قبل ذلك الوقت ، بل لا يعقل إذ الوجود المقيّد بكونه في الغد يمتنع حصوله في غيره وإلاّ خرج عن كونه