مرّ مثاله.
ومنها : ما ذكره المحقّق الثاني (١) ـ على ما حكي عنه ـ في مناسك منى ـ أعني الحلق والذبح والرمي ـ من أنّ من عصى وخالف الترتيب صحّ نسكه المتأخّر الّذي قد قدّمه ، ثمّ قاس عليه صحّة صلاة المديون المطالب بالدين المتمكّن من أدائه إذا عصى ولم يقضه ، واشتغل بالصلاة في سعة الوقت.
قال سيّدنا الأستاذ ـ دام ظله ـ : وهذا يجري في كلّ عبادة موسّعة مزاحمة بواجب مضيّق ـ كالصلاة بالنسبة إلى إزالة النجاسة ـ إذا تركه واشتغل بها في سعة الوقت ، وغير ذلك من الأمثلة للواجب المضيّق والضدّ الموسّع.
ومنها : ما ذكره المشهور من صحّة صلاة المأموم إذا خالف الإمام فيما يجب عليه متابعته ، حيث قالوا : إنّه أثم حينئذ ، لكن صحّت صلاته.
وجميع تلك الأمثلة لا وجه للقول بالصحّة فيها إلاّ البناء على ما اخترناه ، كما لا وجه للقول بالفساد فيها إلاّ البناء على مخالفه.
نعم يمكن توجيه الفساد في الأخير ـ كما قيل ـ من جهة تعلّق النهي بالجزء الّذي يأتي به بعد عصيان المتابعة ، فيفسد الكلّ ، لأن النهي عن الجزء مستلزم للنهي عن الكلّ ، فتأمّل.
إيقاظ : اعلم أنّ تعليق الحكم على الشرط المتأخّر على القول بجوازه لا يختصّ بالوجوبي ، بل يجري في سائر الأحكام التكليفية كما لا يخفى ، بل في الوضعيّة بأسرها أيضا. ومن هذا الباب تعليق سببية العقد الفضولي على الإجازة المتأخّرة على القول بكونها كاشفة كما أشرنا إليه سابقا.
ثمّ إنّ لازم التعليق على هذا الوجه كون وجود المعلّق عليه فيما بعد كاشفا عن حصول المعلّق من قبل ، ولازم ذلك ترتّب جميع الأحكام المترتبة عليه شرعا
__________________
(١) جامع المقاصد : ٣ ـ ٢٣٢ ، الفصل السادس ، المطلب الأوّل.