كلّهم هالكون إلاّ العاملون » (١) ، وقوله عليه السلام : « لا عمل لي أستحقّ به الجنّة » (٢) ، فعلى هذا لا ربط للخبر بمطلوب المستدل أصلا ، إذ معناه حينئذ ـ والله أعلم ـ لا عبادة إلاّ بنيّة القربة ، وهذا مما لا ينكره أحد.
ومنها : قوله عليه السلام : « إنّما الأعمال بالنيّات » (٣) ، وقد ادّعي تواتره لفظا ، لكن المحكيّ عن شيخنا الأستاذ ـ قدّس سرّه ـ أنّ إسناده متصل إلى رئيس الفاسقين (٤).
وكيف كان ، فتقريب الاستدلال به : أنّ كلمة ( إنّما ) بمنزلة كلمة ( إلاّ ) الواقعة بعد ( لا ) ، فتفيد ما تفيده من الحصر ، والمراد بالعمل الواجبات ، وبالنيّة نيّة القربة ـ كما مرّ في الحديث السابق ـ فيتمّ به المطلوب.
لكن يتّجه عليه ـ مضافا إلى ما مرّ من استلزامه لتخصيص الأكثر ، ودعوى ظهور إرادة العبادة من العمل ـ أنّه يحتمل أن يكون المراد بالنيّة في هذه الرواية نيّة التعيّن التي لا بدّ منها في الأفعال المشتركة ، لا القربة ، وهذا الاحتمال إن لم نقل بظهوره ، فهو ليس بأبعد مما صار إليه المستدلّ.
__________________
(١) لم نعثر على هذا الحديث بهذا النصّ ، وإنّما عثرنا على شبيه له في مصباح الشريعة : ٣٧ ، لكنه قد لا يصحّ شاهدا هنا ، فراجع.
(٢) لم نعثر على هذا الحديث بهذا النص وإنّما عثرنا على مضمونه في المصادر التالية : مسند أحمد : ٦ ـ ١٢٥ ، وصحيح مسلم : ٤ ـ ٢١٦٩ ـ ح ٧٢ و ٧٥ ، والعقيدة الطحاوية : ٢ ـ ٦٤١.
(٣) الوسائل : ١ ـ ٣٥ ـ أبواب مقدّمة العبادات ـ باب (٥) وجوب النيّة في العبادات الواجبة .. ـ الحديث : ١٠ ، التهذيب : ٤ ـ ١٨٦ ـ ح ٥١٩.
(٤) صحيح البخاري : ١ ـ ٢ ، ٢ ـ ٢٣١ ، صحيح مسلم : ٣ ـ ١٥١٥ ـ ح ١٥٥ ، مسند أحمد بن حنبل : ١ ـ ٢٥ ، سنن البيهقي : ٧ ـ ٣٤١ ، سنن ابن ماجة : ٢ ـ ١٤١٣ ـ ح ٤٢٢٧ ، سنن النسائي : ١ ـ ٥٨ ، سنن الترمذي : ٤ ـ ١٧٩ ـ ح ١٦٤٧ ، سنن أبي داود : ٢ ـ ٢٦٢ ـ ح ٢٢٠١. وفي هذه المصادر جميعها روى هذا الحديث عمر بن الخطّاب عن رسول الله صلى الله عليه وآله.