والاستحباب الغيريّين الناشئين عن الأمر بذي المقدّمة ، بل يجري على القول بعدمه أيضا.
هذا حاصل ما أفاده ـ قدّس سرّه ـ.
ويتّجه عليه : أنّ الواجب الغيري من جهة وجوبه الغيري ـ وهي جهة مقدّميته للغير ـ لا يعقل أن يكون ذا حكمين ـ الوجوب والندب ـ بل تلك الجهة إنّما هي جهة الوجوب لا غير ، وهو أيضا معترف بذلك.
وأمّا من جهة أخرى غير تلك فلم يدلّ دليل على استحبابه شرعا ، وما ادّعى من أنّ الإتيان به لأجل أدائه إلى الواجب طاعة قد عرفت منعه من أنّ الواجب الغيري نفسه لا يقع طاعة ، بل الإتيان به من مقدّمات إطاعة ذلك الغير الّذي هو ذو المقدّمة ، فالإتيان به إطاعة بالنسبة إلى ذلك الغير ، لا بالنسبة إلى نفسه ، فالمترتّب من الثواب إنّما يترتّب على ذلك الغير ، لا عليه.
نعم ما ذكر ـ من أنّ كلّ فعل قصد به الطاعة فهو طاعة ـ متّجه في الواجبات النفسيّة المعاملية ، فإنّها إذا أتى بها لأجل امتثال أمر الشارع تكون (١) نفسها طاعة ، ويترتّب عليها الثواب.
هذا مع أنّ الأمر بالإطاعة على تقديره ـ وجوبيّا أو ندبيّا ـ لا يكون شرعيّا ، بل عقليّ إرشاديّ محض ، وبعد ما حقّقنا من أنّ الإتيان بالواجب على وجه الامتثال لا يترتّب عليه ثواب ، فلا يحكم العقل ولا يأمر بالإتيان به على هذا الوجه ليكون مندوبا عقليا بعد تسليم صدق الإطاعة عليه ، فإنّه إنّما يأمر بالإطاعة لأجل اشتمالها على الثواب ، وبعد فرض خلوّ إطاعته عنه لا أمر له بها أصلا.
فظهر أنّ الإتيان بالواجب الغيري على الوجه المذكور ليس مندوبا لا
__________________
(١) في الأصل : فتكون ..