الطلب ـ عند بيان الوجوب ، فيكشف ذلك عن كون الجملة حينئذ ظاهرة عرفا فيه بحيث لا حاجة لها في إفادته إلى ضمّ قرينة من المتكلّم إليها ، وهو المطلوب.
الثالث : استدلال العلماء والصحابة خلفا عن سلف بالأخبار الواردة بلفظ الخبر ـ المعلوم إرادة الإنشاء منها ـ على إثبات الوجوب من غير نكير عليهم ، كما استدلّوا عليه بصيغة الأمر المجرّدة.
هذا كلّه مضافا إلى ما نرى من بناء بعض من أنكر ذلك ـ لفظا ـ عليه في مصنّفاته ، فراجع كتب من أنكر ، فإنّك تراه أنّه استعمل لفظ الجملة الخبرية في معنى الوجوب في عناوين الفقه من غير قرينة على تعيين الوجوب.
وكيف كان ، فظهور الجمل في الوجوب حينئذ كظهور الأمر في الوجوب بديهي لنا وللعرف ، وعمل الناس طرّا عليه من العرف والعلماء حتّى المنكرين إذا غفلوا (١) عمّا بنوا عليه من جهة بعض الشبهات ، كما وقع عن بعض فإنّه كالجبلّيّ لجميع الناس.
وقد نسب الفاضل النراقي ـ بعد ما استقرب القول بالإنكار على ما حكي عنه في كتاب ( المناهج ) (٢) ـ هذا القول إلى جماعة منهم العلاّمة (٣) في
__________________
(١) هذا هو الأظهر ، ويحتمل أنّ العبارة هكذا : ( إذ أغفلوا ).
(٢) مناهج الأحكام والأصول : ٤١ ، عند قوله : ( منهاج : قد وردت في الآيات والأخبار ألفاظ خبريّة ).
(٣) تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٢٥ ، والظاهر أنّ الفاضل النراقي (ره) استفاد قول العلاّمة ( قدّه ) بظهور الجمل الخبرية في الوجوب من مفهوم قوله ( قده ) : ( وقول الكاظم (آ) عليه السلام : « المصحف لا تمسّه (ب) على غير طهر ... إنّ الله تعالى يقول : ( ـ لا يمسّهُ إلاّ المُطهرَّون ـ ) (ج) محمول على الكراهة .. ). ، فلو لا ظهور الجملة الخبرية في التحريم عنده لما التجأ إلى حملها على الكراهة.
__________________
(آ) الوسائل : ١ ـ ٢٦٩ ـ كتاب الطهارة ـ باب : ١٢ من أبواب الوضوء ـ ح : ٣.
(ب) في التذكرة : ( لا يمسّه ) ، وقد أثبتناها كما في الوسائل.
(ج) الواقعة : ٧٩.