وحينئذ نقول : إنّه بعد فرض دخول الاستصحاب وكونه مشمولاً لهذه الجملة ، يكون اليقين فيه المشمول للجملة المذكورة مساوياً مع اليقين في مورد القاعدة في كون كلّ منهما منتقضاً وجداناً.
ولأجل ذلك نقول : إنّ هذه الجملة لو خليت ونفسها لكان مقتضاها الاقتصار على مورد القاعدة ، لأنّه هو الذي قد انتقض اليقين فيه وجداناً ، فكان صالحاً للتعبّد بعدم النقض ، بخلاف الاستصحاب فإنّ اليقين فيه لا يكون منتقضاً وجداناً بالشكّ إلاّبعد العناية وتجريد المورد عن الحدوث والبقاء ، وحيث قد تحقّقت تلك العناية ولو بواسطة تطبيق الإمام عليهالسلام لها على مورد الاستصحاب ، كشف ذلك عن أنّ المراد بها هو اليقين الذي قد زال وجداناً ، لأنّه هو الذي يمكن جريان التعبّد فيه بالبقاء ، وحينئذ يكون اليقين في مورد الاستصحاب مساوياً له في مورد القاعدة في كون كلّ منهما قد زال وانتقض وجداناً ، فيكون دخول الاستصحاب في عموم « لا تنقض اليقين بالشكّ » من قبيل ما يكون دخوله وشمول العام له محتاجاً إلى إعمال عناية ، فلو خلّينا نحن وذلك العموم لا يحكم بكونه مشمولاً ، لكن بعد تطبيق ذلك العام عليه من جانب الشارع يحكم بدخوله فيه وإعمال تلك العناية التي كان شمول العام له متوقّفاً عليها.
ولكن هذا كلّه مبني على كون مفاد هذه الجملة هو النهي عن النقض تعبّداً مع تحقّقه وجداناً ، وأنّ مورد الاستصحاب بعد تجريده عن الزمان يكون اليقين فيه منتقضاً وجداناً بالشكّ. ويمكن المناقشة في كلّ من هاتين المقدّمتين كما مرّ مشروحاً في أوائل الاستصحاب (١) ، وستأتي الإشارة إليه هنا إن شاء الله تعالى. هذا كلّه فيما أُفيد من الفرق بينهما في ناحية اليقين.
__________________
(١) تقدّم في المجلّد التاسع من هذا الكتاب الصفحة : ٩١ وما بعدها.