اليقين نظير أسماء الذوات مثل الإنسان والحجر التي تكون مأخوذة من المصادر الجعلية أعني الحجرية والإنسانية ، وقد تحقّق في محلّه أنّ العناوين المأخوذة من المصادر الجعلية لا يصحّ استعمالها بعد ارتفاع تلك المصادر ، بأن زالت إنسانية الإنسان وحجرية الحجر مثلاً وصار رماداً ، وإنّما وقع الخلاف في العناوين المأخوذة من المصادر الحقيقية مثل الضارب في كونها حقيقة بعد انقضاء المبدأ أو مجازاً ، أمّا العناوين المأخوذة من المصادر الجعلية فلا ريب في أنّ استعمالها بعد الانقضاء لا يكون حقيقة بل يكون غلطاً ، ولو فرض صحّة استعمالها حينئذ لكان بنحو من العناية البعيدة ، واليقين من هذا القبيل ، فلا يصحّ استعماله في المورد الذي ارتفعت عنه صفة اليقينية إلاّبنحو من التجوّز والعناية ، وكيف كان ففي مورد الاستصحاب تكون حقيقة اليقين باقية بحالها ، وفي مورد القاعدة تكون الصفة المذكورة مرتفعة ، ولا قدر جامع بين اليقين الحقيقي واليقين المجازي ، هذا.
ولكنّه لا يخلو عن تأمّل ، فإنّ اليقين في قاعدة اليقين وإن كان واقعاً قد زال بالشكّ الساري وفي الاستصحاب هو باقٍ واقعاً ، فاستعمال اليقين في مورد القاعدة محتاج إلى نحو من العناية المصحّحة لإطلاق اليقين على اليقين الزائل ، بخلاف اليقين في مورد الاستصحاب فإنّه لا يحتاج إلى العناية المذكورة ، لكن الظاهر أنّهما بالنظر إلى شمول مثل قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » سواء ، لأنّ هذه الجملة إنّما تجري فيما لو كان اليقين قد زال وانتقض وجداناً بالشكّ ، فيتوجّه النهي عن العمل على نقضه والأمر بلزوم البناء على بقائه تعبّداً ، وذلك لا يلتئم مع فرض كون اليقين باقياً وجداناً كما في مورد الاستصحاب ، فلابدّ حينئذ من إعمال العناية في شمولها للاستصحاب.