يبطل صفته. وبالجملة أنّ اليقين في باب القاعدة قد زال وجداناً ، فكما لا تبقى كاشفيته وطريقيته لا يكون أصله باقياً ، بل إنّ العلّة في بطلان كاشفيته وطريقيته هو بطلان نفسه وصفته القائمة بالنفس ، نعم يمكننا في باب القاعدة أن نلاحظ اليقين السابق الذي قد زال وجداناً ونحكم ببقاء أثره ، سواء أخذناه من حيث الطريقية كما هو الظاهر ، أو أخذناه من حيث الصفتية.
ومنه يظهر أنّ اليقين في باب القاعدة قابل للأخذ من حيث الطريقية وللأخذ من حيث الصفتية ، وليس حاله من هذه الجهة إلاّكحال اليقين في باب الاستصحاب من القابلية للأخذ من حيث الطريقية والأخذ من حيث الصفتية ، ولعلّ مرجع هذين الوجهين في كلّ من باب الاستصحاب وباب القاعدة هو ما يقال من أنّ الآثار المترتّبة هل هي آثار اليقين أو آثار المتيقّن ، وحيث إنّه لا إشكال في أنّ الآثار المراد ترتّبها بقاعدة [ اليقين ] وبالاستصحاب هي آثار الواقع لا آثار اليقين ، فلا جرم أن يكون اليقين في كلّ منهما طريقاً صرفاً. وينبغي ملاحظة ما حرّره عنه السيّد سلّمه الله (١) فإنّه يصرّح بأنّ اليقين إنّما أُخذ طريقياً في الموردين ، وأنّ التعبّد في قاعدة اليقين إنّما هو بآثار المتيقّن دون اليقين ، فلاحظ.
وكيف كان ، فالأولى في بيان اختلاف اليقين في باب الاستصحاب عن اليقين في باب القاعدة هو ما أفاده قدسسره فيما حرّرته عنه في هذا المقام ، وهو أنّ اليقين في باب الاستصحاب مستعمل في معناه الحقيقي لكونه باقياً بحاله إلى حين الشكّ لم ينتقض أصلاً ، وإنّما وقع الشكّ في بقاء ذلك الذي تعلّق به اليقين ، أمّا القاعدة فلا يكون استعمال اليقين فيها استعمالاً حقيقياً لكونه منتقضاً بالشكّ ، فلو صحّ استعماله في مورد القاعدة لكان مجازاً باعتبار ما كان ، ولا ريب في أنّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٩٠.