الشكّ بما تعلّق به اليقين الذي هو أصل الحدوث ، كان محصّل حكم الشارع بالغاء هذا الشكّ وترتيب آثار ذلك اليقين هو لزوم ترتيب آثار اليقين بالحدوث ، وليس ذلك هو المطلوب في باب الاستصحاب ، فإنّ المطلوب فيه هو ترتيب آثار البقاء ، فلابدّ من أن يكون مركز العناية ليس هو الشكّ في البقاء ، بل هو اليقين بالحدوث بجعله كناية عن اليقين بالبقاء ، أو بجعل الاعتناء بالشكّ في البقاء نقضاً لليقين بالحدوث بواسطة أنّ اليقين بالحدوث يستدعي اليقين بالبقاء على ما مرّ تفصيله فيما حرّرناه في أوائل الاستصحاب (١).
وحاصل الفرق بين ما أفاده الأُستاذ العراقي قدسسره وبين ما ذكرناه هناك ، هو أنّ كلاً من التوجيهين مبني على رعاية العناية ، لكنه قدسسره جعلها في ناحية الشكّ ، فجعل الشكّ في البقاء كناية عن الشكّ في الحدوث ، ونحن جعلناها في ناحية اليقين فجعلنا اليقين بالحدوث كناية عن اليقين بالبقاء ، فلاحظ وتأمّل.
قال (٢) شيخنا الأُستاذ العراقي في مقالته : ولئن دقّقت النظر ترى أنّ المسامحة في إرجاع الضمير المزبور في الرواية بقرينة موردها تصلح أيضاً أمر المسامحة في بقاء موضوع الاستصحاب ، إذ لا ينفكّ مثل تلك المسامحة ( يعني المسامحة في بقاء الموضوع ) أيضاً عن وحدة المتعلّقين بنحو من العناية الخ (٣).
تقدّم في آخر حاشية ص ٢١٩ (٤) عندما نقلنا عن الأُستاذ العراقي قدسسره بعض ما
__________________
(١) تقدّم في المجلّد التاسع من هذا الكتاب الصفحة : ٩١ وما بعدها.
(٢) [ لا يخفى أنّ هذه المطالب أوردها المصنّف قدسسره في أوراق منفصلة وأمر بالحاقهابذيل هذه الحاشية ].
(٣) مقالات الأُصول ٢ : ٤٣١.
(٤) في الصفحة : ١١١.