الأصل المثبت ، فراجع ما حرّرناه في المباحث المشار إليها وفي مباحث الإجزاء إن شاء الله تعالى (١). لكن حكومة طهارة الماء على نجاسة الثوب لا تتوقّف على ذلك ، بل يكفي فيها مجرّد الحكم بطهارة الماء ولو استناداً إلى قاعدة الطهارة فيه ، فإنّها توجب الحكم بطهارة ما غسل فيه وسقوط استصحاب النجاسة في المغسول.
قوله : فإنّه إن أُريد من الحكم الظاهري مؤدّى الأمارة ، فالمؤدّى مشكوك لاحتمال مخالفة الأمارة للواقع ، وإن أُريد من الحكم الظاهري اعتبار الأمارة وحجّيتها ، فهو وإن كان متيقّناً للعلم بحجّية الأمارات ، إلاّ أنّ العلم بالحجّية لم يؤخذ غاية للتعبّد بالأُصول العملية ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ مؤدّى الأمارة المفروض تعلّق الشكّ به لاحتمال مخالفتها للواقع ليس هو حكماً ظاهرياً ، بل هو نفس الحكم الواقعي الذي دلّت عليه الأمارة ، غايته نحتمل أنّ الحكم الواقعي ليس هو على طبق مؤدّى الأمارة.
وبالجملة : أنّ المؤدّى بنفسه المفروض تعلّق الشكّ به ليس من الأحكام الظاهرية ، كما أنّ نفس حجّية الأمارة ليس حكماً ظاهرياً بل هو حكم واقعي أيضاً ، وحينئذ فمراد من قال إنّ متعلّق العلم في غاية الأُصول العملية هو الأعمّ من الحكم الواقعي والظاهري ليس هو المؤدّى ولا حجّية الأمارة ، بل مراده بالحكم الظاهري هو الحكم المجعول على طبق مؤدّى الأمارة سواء خالفت الواقع أو
__________________
(١) لم نعثر على بحث تقدّم الأصل السببي على المسبّبي في مباحث الإجزاء. وعلى أيّ حال فقد تقدّمت مباحث إجزاء الحكم الظاهري في المجلّد الثاني من هذا الكتاب ص ٣٧٥ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٩٨.