منهما البيّنة ص ١٢٧ من تصديق كلّ من البيّنتين ، وكذلك صنع في اليمين المردودة ص ١١٩ وص ١٢٠. لكنّه قال في ص ١١٩ : ثمّ إنّه على المختار لو حلف كلّ منهما فلا شبهة في انحلال حلف كلّ إلى الحلف على كلّ واحد من النصفين ، فيؤخذ بواحد من حلفي كلّ واحد ، ويلغى الآخر لعدم كونه ميزاناً (١).
ولم أتوفّق لفهم ذلك ، بل الأولى أن يقال : إنّه لابدّ من تحليف كلّ منهما على ما بيده من النصف ، وأنّه يملكه هو لا صاحبه ، نظير ما عرفت من دعوى الكتاب والثوب بين زيد وعمرو ، فإنّ زيداً يلزمه الحلف على أنّ ما بيد نفسه من الكتاب هو له لا لعمرو ، وكذلك عمرو يحلف على أنّ ما بيده من الثوب هو له لا لزيد ، فلاحظ وتأمّل.
وعلى كلّ حال ، لا تكون المسألة من باب التداعي إلاّ إذا علمنا من الخارج أنّه لا اشتراك في البين ، أو على رأي صاحب الجواهر قدسسره من التدافع والتعارض بين اليدين بعد فرض كون كلّ منهما على تمام العين.
وربما يتوهّم جريان ما ذكرناه من كونهما من قبيل الخصومتين حتّى في تلك الصورة وحتّى على رأي صاحب الجواهر قدسسره ، وذلك فإنّ صاحب الجواهر قدسسره يلتزم بالتنصيف بينهما إذا لم تكن مخاصمة في البين ، وحينئذ يكون ذلك ـ أعني التنصيف ـ هو حكم المسألة عند عدم المخاصمة ، ويكون مدّعي التمام حينئذ مدّعياً بالنسبة إلى النصف الزائد الذي هو له عند عدم المخاصمة ، وهكذا الطرف الآخر ، وحينئذ تتشكّل بينهما خصومتان.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ هذا الحكم ـ أعني التنصيف ـ لا يكون ميزاناً في تشخيص المدّعي ، لأنّه إنّما يكون في طول الموازين ، بمعنى أنّه في طول كلّ من
__________________
(١) كتاب القضاء : ١١٩ ـ ١٢٠.