البيّنة واليمين ، وبعد عدم الانتفاع بتلك الطرق أو عدم تأتّيها يحكم بالتنصيف بينهما ، لا أنّ الحكم بالتنصيف يكون هو الأصل في المسألة ويكون من يدّعي خلافه مدّعياً ومن يدّعي على طبقه منكراً ، فلاحظ وتأمّل.
وممّا ينبغي الالتفات إليه هو أنّه قد وردت روايات متعدّدة في التداعي على العين في يدهما ، وقد ذكرها في البلغة ص ٣٤٦ وص ٣٤٧ (١) والحكم فيها لا ينطبق على ما ذكرناه من كون التداعي على العين في يدهما من قبيل الخصومتين ، فلابدّ من حملها ـ كما لا يبعد أن يكون ذلك ظاهرها ـ على الصورة المشار إليها أعني ما حصل العلم من الخارج بعدم الاشاعة والاشتراك بين المتداعيين ، وحينئذ تدخل المسألة في تعارض اليدين ثمّ تعارض البيّنتين ، فيقع الكلام في الحكم بالتنصيف بينهما وهل هو متوقّف على الاحلاف لهما ، وهل المقام مقام القرعة في من هو صاحب الحقّ أو في من يتوجّه عليه اليمين ، وقد اختلفت الروايات المذكورة في هذه الجهات.
والكلام فيها من هذه الجهات في محلّه من كتاب القضاء ، وعلى العجالة يمكن أن يقال : إنّه بعد تعارض البيّنات يتخيّر الحاكم بين الحكم بينهما بالتنصيف ابتداءً أو بعد تحليفهما معاً ، فإن نكل أحدهما حكم للحالف ، وبين الحكم بالقرعة إمّا ابتداءً أو على من توجّه إليه. وهل في البين ترجيح لبعض البيّنات على بعض عدالة ووثاقة أو عدداً؟ لا يبعد الترجيح بالعدد ، وللحاكم أن يستحلف من كانت بيّنته أكثر عدداً. وهل هذا التحليف وجوبي أو استحبابي؟ محلّ تأمّل.
ومنه يظهر الحال فيما لو كانت البيّنة من طرف واحد ، وإن كان الأحوط
__________________
(١) بلغة الفقيه ٣ : ٤٠٣ ـ ٤٠٥.