ففيه : أنّ كلا الوجهين مبنيان على حجّية قول ذي اليد فيما أخبر به ، وهو أوّل الكلام فلاحظ. ولو ثبت أنّ قوله حجّة كان كافياً في كون المقرّ له منكراً وإن لم يكن صاحب يد ، ولم نحتج إلى التقوّي ولا إلى إلحاق المسألة بأنّ يد الوكيل يد المالك.
ولكن لا يبعد أن يكون بناء العقلاء على حجّية قول ذي اليد ولو في تعيين مالك ما تحت يده ونحو ذلك ، حتّى لو تنازع البائع والمشتري في كون المبيع نجساً أو كونه معيباً أو كونه ناقص الوزن ، وكان المبيع تحت يد رجل آخر وهو وكيل البائع أو أمينه ، فاعترف ذلك الرجل بأنّه نجس أو معيب أو ناقص الوزن ونحو ذلك ، فلا يبعد أن يكون إخباره حجّة على البائع ، ويكون القول قول المشتري لكونه مطابقاً للحجّة الموجودة في البين وهي إخبار ذي اليد حتّى لو كان ذو اليد غاصباً ، فلاحظ وتأمّل.
وأمّا ما ذكره الآشتياني قدسسره في قضائه ، وذلك قوله : لصيرورته مدّعى عليه بعد الاقرار له من ذي اليد عرفاً ، مضافاً إلى قوله : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (١) ، فإنّه باقراره يجعله للمقرّ له ، فاقراره أمارة على كون المقرّ به ملكاً للمقرّ له ، هذا. وقد ذكر الأُستاذ العلاّمة : أنا في سابق الزمان كنت بانياً على جعل العلّة في صيرورته مدّعى عليه هو الوجه الأوّل ، وكنت متأمّلاً في الاستدلال بالوجه الثاني. وكيف كان ، لا إشكال في كونه مدّعى عليه من أي طريق كان (٢).
قلت : لعلّ الوجه في الوجه الأوّل الراجع إلى دعوى كونه بنظر العرف
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٣ : ١٨٤ / أبواب الإقرار ب ٣ ح ٢ ، مستدرك الوسائل ١٣ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ / أبواب بيع الحيوان ب ٣ ح ٣.
(٢) كتاب القضاء ( للآشتياني ) ٢ : ٨٩٤ ـ ٨٩٥.