ولكن السيّد المرتضى في الشافي والشيخ الطوسي في مختصره (١) والقاضي نور الله في إحقاق الحقّ (٢) صرّحوا بأنّ دعوى النحلة مقدّمة على دعوى الارث ، وهذه عبارة السيّد المرتضى على ما نقله ابن أبي الحديد في المجلّد الرابع : قال السيّد : فأمّا إنكار أبي علي لأن يكون ادّعاء النحل قبل ادّعاء الميراث وعكسه الأمر فيه ، فأوّل ما فيه : أنّا لا نعرف له غرضاً صحيحاً في إنكار ذلك ، لأنّ كون أحد الأمرين قبل الآخر لا يصحّح له مذهباً ، ولا يفسد على مخالفيه مذهباً. ثمّ إنّ الأمر في أنّ الكلام في النحل كان المتقدّم ظاهر ، والروايات كلّها به واردة ، وكيف يجوز أن تبتدئ بطلب الميراث فيما تدّعيه بعينه نحلاً ، أو ليس هذا يوجب أن تكون قد طالبت بحقّها من وجه لا تستحقّه منه مع الاختيار ، وكيف يجوز ذلك والميراث يشركها فيه غيرها والنحل تنفرد به ، ولا ينقلب مثل ذلك علينا من حيث طالبت بالميراث بعد النحل ، لأنّها في الابتداء طالبت بالنحل وهو الوجه الذي تستحقّ فدك منه ، فلمّا دُفعت عنه طالبت ضرورة بالميراث ، لأنّ للمدفوع عن حقّه أن يتوصّل إلى تناوله بكلّ وجه وسبب ، وهذا بخلاف قول أبي علي لأنّه أضاف إليها ادّعاء الحقّ من وجه لا تستحقّه منه وهي مختارة ، انتهى كلام السيّد قدسسره (٣).
وقد تعرّض ابن أبي الحديد للتعليق عليه ، وتوقّف هو في كون المقدّم أيّهما ، لتعارض الروايات عنده ، ولكنّه مع ذلك استحسن ما ذكره السيّد قدسسره من كون الحال تقتضي تقديم دعوى النحلة.
__________________
(١) تلخيص الشافي ٣ : ١٢٧.
(٢) إحقاق الحقّ ( الأصل ) : ٢٢٥.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٧٧ ، الشافي في الإمامة ٤ : ١٠١.