بين الجزء والكل كان لابدّ له من لحاظ الجزء ولحاظ الكل ، وحينئذ يعود محذور أنّ لحاظ الجزء استقلالي ولحاظ الكل يوجب لحاظه مندكّاً فيه ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الملحوظ للحاكي ليس إلاّعنوان الشيء ، وأمّا كونه جزءاً في الواقع أو كونه كلاً فلا يكون ملحوظاً للحاكي ، فإنّه إنّما يحكيه بعنوان الشيئية وبمقدار ما فيه من ذلك العنوان ، نظير قولك : كلّ إنسان حكمه كذا ، لا يكون منظور الحاكي وملحوظه إلاّعنوان الإنسان ، دون ما هو زائد على الإنسان من كونه أبيض أو أسود.
ولا يخفى أنّه ليس المراد من لحاظ الجزء مندكّاً هو لحاظ الجزء الموجود في ضمن الكلّ ليقال إنّ الجزء الموجود في ضمن الكل يمكن لحاظه مستقلاً ، بل المراد أنّ لحاظ الجزء في ضمن لحاظ الكل لا يكون إلاّمندكّاً.
ثمّ إنّه قد ذكر قبل هذا إشكالات على الجامع بقوله : منها أنّ المشكوك في مورد قاعدة التجاوز هو الوجود المتعبّد به ، وفي مورد قاعدة الفراغ هي صحّة العمل الموجود المتعبّد بها ، وهما أمران متغايران لا يجمعهما جامع ، لا من حيث كون المشكوك في الأُولى لوحظ بنحو مفاد كان التامّة وفي الثانية بنحو مفاد كان الناقصة ، فإنّها بلا موجب لكفاية الشكّ في ثبوت صحّة العمل (١).
قوله : بلا موجب إلخ ، لا يخلو عن تأمّل ، لأنّ ظاهر كثير من أخبار قاعدة الفراغ هو مفاد كان الناقصة ، كما أنّ ظاهر أخبار قاعدة التجاوز هو مفاد كان التامّة. ثمّ إنّه ذكر مطلب الشيخ قدسسره الراجع إلى أنّ القدر الجامع هو الشكّ في وجود الصحيح ، وأورد عليه بأنّه غير معقول ، لأنّ ملاحظة العمل مهملاً واقعاً غير
__________________
(١) رسالة في قاعدة الفراغ والتجاوز ( المطبوعة آخر الطبعة القديمة من نهاية الدراية ) : ٢٩٦.