إرجاع الجامع إلى الشكّ في وجود المركّب التامّ ، وهذا الشكّ تارةً ينشأ عن الشكّ في أصل وجوده في قبال عدمه بالمرّة ، وأُخرى ينشأ عن الشكّ في تماميته بعد إحراز أصل وجوده في الجملة ، وحينئذ يتوجّه إشكال أنّ مفاد الأخبار هو مفاد كان الناقصة.
ثمّ قال في الرسالة : بل المراد من الصحّة استجماع العمل للأجزاء والشرائط ، فمرجع الشكّ في الصحّة إلى وجود العمل بتمام أجزائه وشرائطه ، فالشكّ دائماً متعلّق بوجود العمل ، ومصداقه تارةً هو الجزء وأُخرى هو الكلّ ، واللاّ بشرطية من هذه الحيثية مجدية ، فإنّ مرجعها إلى عدم دخل الجزئية والكلّية في التعبّد بوجود العمل المشكوك الخ (١).
قلت : أمّا الشكّ في الكلّ بمعنى الشكّ في أصل وجوده في قبال عدمه بالمرّة ، فهذا غير داخل في قاعدة الفراغ ولا في قاعدة التجاوز ، إلاّ إذا كان شرطاً لعمل آخر مثل الشكّ في وجود صلاة الظهر بعد الشروع في العصر أو بعد الفراغ من العصر ، وحينئذ لابدّ أن يكون نسبة الشكّ إلى الكلّ بمعنى الشكّ في تماميته ، وهو وإن أمكن إرجاعه إلى مفاد كان التامّة ، لكنّه خلاف ظاهر الأخبار الواردة في الفراغ ، فإنّ ظاهرها هو مفاد كان الناقصة ، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ مفاد كان التامّة يشمل الشكّ في أصل وجود المركّب ، وهو خارج عن القاعدتين وعن الجامع بينهما ، وأمّا الشكّ في الجزء فلا يكون الشكّ فيه متمحّضاً للشكّ في أصل الوجود ، بل ربما كان الشكّ فيه من جهة الشكّ في وجود شرط من شروط
__________________
(١) رسالة في قاعدة الفراغ والتجاوز ( المطبوعة آخر الطبعة القديمة من نهاية الدراية ) : ٢٩٦.