وإنّما هو حكم واحد حاصله هو الفراغ من الشيء ، ولكن في خصوص موارد قاعدة التجاوز أعني الأجزاء حيث إنّها محتاجة إلى العناية والتنزيل منزلة نفس المركّب ، وكان ما يدلّ على تلك العناية حاكماً على ذلك الحكم الكبروي أعني عدم الاعتناء بالشكّ في الشيء بعد الفراغ منه ، وموجباً لتوسعة موضوعه إلى أجزاء ذلك المركّب بجعلها شيئاً ولو تنزيلاً ، وكان ذلك الدليل الحاكم قد اعتبر في تنزيل الشكّ في الجزء منزلة الشكّ في الشيء أن يكون الشكّ فيه بعد تجاوز محلّه ، انحصر مورد قاعدة التجاوز بتجاوز المحل والدخول في الغير مع بقاء الحكم الكبروي ـ أعني عدم الاعتناء بالشكّ في الشيء بعد مضيّه والفراغ منه ـ من هذه الجهة بحاله. ثمّ بعد أن كانت الكبرى واحدة فعلينا أن ننظر في دليلها ، وهو مختلف فبعضه يكتفي بالفراغ مثل الموثّقة ، وبعضه يعتبر الدخول في الغير والتجاوز عن المحلّ المقرّر مثل رواية زرارة « إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره » الخ ، وحينئذ لابدّ من الجمع ، ثمّ أخذ في كيفية الجمع وأخيراً أفاد أنّ المطلق منصرف إلى خصوص مورد القيد بل هو القدر المتيقّن ، فراجعه من ص ٤٧٠ إلى ص ٤٧١ (١).
وحاصل ذلك أو توضيحه بضمّ ما حرّرته عن شيخنا قدسسره : هو أنّه ليس لنا إلاّ كبرى قاعدة الفراغ ، وموردها الأوّلي هو الشكّ في المركّب بعد مضيّه والفراغ عنه ، أمّا الأجزاء فيحتاج دخولها في هذه الكبرى إلى تحقّق تنزيلين ، الأوّل اعتبار كون الجزء شيئاً في حين أنّه في حدّ نفسه لم يكن شيئاً ، وإنّما هو مندكّ في الشيء الذي هو المركّب ، والثاني اعتبار تجاوز محلّه إلى الجزء الذي بعده مضيّاً لذلك الجزء وفراغاً عنه في حين أنّه لم يتحقّق مضيّه والفراغ منه ، لأنّه في حدّ
__________________
(١) حسب الطبعة القديمة ، راجع أجود التقريرات ٤ : ٢٢٠ وما بعدها.