فيما نحن فيه إنّما هو إلى الحكم التعبّدي ببقاء ذلك المحمول لموضوعه الذي هو في المثالين زيد الموجود ، فلا يكون ذلك المستصحب إلاّعلى نحو القضية الحقيقية ، وهو في المثال الأوّل العدالة على تقدير وجود زيد ، وفي الثاني جواز تقليده على تقدير وجوده ، لأنّ التنزيل والتعبّد إنّما هو في ناحية المحمول لا في ناحية الموضوع وإلاّ لكان الاستصحاب موضوعياً لا حكمياً ، والمفروض أنّ المستصحب هو الحكم وهو عدالة زيد الموجود في المثال الأوّل ، وجواز تقليد زيد الموجود في المثال الثاني ، فلابدّ أن يكون الموضوع وهو زيد مأخوذاً مفروض الوجود ، وهو معنى القضية الحقيقية الراجعة إلى الحكم على تقدير الوجود ، والمفروض أنّ الوجود المذكور غير محرز عندنا ، فلا يكون مجرّد ذلك الاستصحاب نافعاً لنا ، إذ لا أثر عملي يترتّب على الحكم الثابت بهذا الاستصحاب ، لأنّا لا يمكننا الجري العملي على طبقه لعدم إحرازنا لموضوعه.
والحاصل : أنّه في المثال الأوّل لا يثبت بهذا الاستصحاب إلاّعدالة زيد على تقدير وجوده ، وهذا المقدار لا يصحّح لنا ترتيب الآثار الشرعية للعدالة لأنّ مجرّد إحراز عدالة زيد على تقدير وجوده لا يصحّح لنا ترتيب تلك الآثار ما لم نحرز وجوده.
ويمكن أن يقال : بأنّ استصحاب عدالة زيد المفروض الوجود كاف في ترتيب الحكم الشرعي اللاحق لعدالة زيد المفروض الوجود وإن لم يكن هذا الاستصحاب محرزاً لوجود زيد ، لأنّ المفروض هو أنّ عدالة زيد المفروض الوجود هي تمام موضوع ذلك الحكم الشرعي ، فنفس الحكم الشرعي لا يتوقّف على إحراز وجود زيد ، وإنّما أقصى ما في البين هو أنّ عدالة زيد تتوقّف عقلاً على وجوده والتوقّف العقلي ذلك لا يوجب توقّف الحكم الشرعي اللاحق لعدالة