حكماً شرعياً كما في قولنا : زيد التارك للكبائر والصغائر عادل ، ثمّ إنّه ارتكب بعض الصغائر ، فإنّه لا يمكن استصحاب عدالته لاحتمال مدخلية الاجتناب عن الصغائر في من هو عادل ، فلا يتّحد موضوع القضية المتيقّنة مع موضوع القضية المشكوكة.
الصورة الثالثة : أن لا يكون في البين إلاّ احتمال ارتفاع الموضوع بتمامه ، سواء كان المحمول عادياً كما لو احتملنا موت زيد العادل في قولنا كان زيد عادلاً ، أو كان المحمول شرعياً كما في قولنا : زيد العالم العادل يجوز تقليده وقد احتملنا موته ، فقضيّتنا المتيقّنة في الأوّل هي قولنا كان زيد عادلاً ، وفي الثاني هي قولنا كان زيد يجوز تقليده ، ولا ريب في أنّ هذه القضية بنفسها هي مورد الشكّ ، فلا إشكال في استصحاب ذلك المحمول من ناحية وحدة القضيتين موضوعاً ومحمولاً ، إذ لا فرق بين موضوعي القضيتين ، غايته أنّ الموضوع في القضية المتيقّنة كان معلوم الوجود وفي القضية المشكوكة كان مشكوك الوجود ، وهذا المقدار لا يوجب اختلافاً في موضوع القضيتين ، بل لا يخرج بذلك عن كون الموضوع في إحدى القضيتين هو عين الموضوع في القضية الأُخرى ، كما أنّه لا إشكال في الاستصحاب المذكور من ناحية البرهان الذي ذكره الشيخ قدسسره ، أعني لزوم بقاء العرض بلا موضوع الموجب لمحالية الحكم التعبّدي ببقاء ذلك العارض ، لأنّ ذلك إنّما هو في الصورة الأُولى المشتملة على القطع بارتفاع الموضوع ، لا في هذه الصورة التي لم تشتمل إلاّعلى احتمال ارتفاع الموضوع ، وقد عرفت أنّ احتمال بقاء الموضوع كافٍ في صحّة الحكم التعبّدي ببقاء المحمول.
نعم ، في هذا الاستصحاب مانع آخر ، وهو أنّ مرجع الاستصحاب الجاري