إلى تنزيل الجزء منزلة الشيء ، وإلى تنزيل التجاوز عن محلّه والدخول في غيره منزلة مضيّه والفراغ منه ، والغير في هذه المرحلة لا يكون إلاّجزءاً شرعياً ، لما حقّقه من أنّ ذلك هو محطّ التنزيل الثاني ، ولا يكفي فيه العادي بل ولا العقلي.
المقام الثاني لمقام الدخول في الغير : هو الغير المقابل للمركّب الذي فرغ منه وكان الشكّ في غير جزئه الأخير ، وسيأتي منه قدسسره في البحث الثالث أنّه لابدّ من اعتبار الدخول في الغير لأنّه هو القدر المتيقّن وإن كانت بعض الروايات مطلقة ، ولا يعتبر في هذا الغير الترتّب الشرعي ولا الترتّب العادي ، بل يكفي مجرّد المغايرة وأنّه فعل آخر.
وهناك مقام ثالث للغير الذي دخل فيه بعد المركّب ، وذلك عند الشكّ في الجزء الأخير ، فإنّا سواء قلنا إنّه يعتبر الدخول في الغير في موارد قاعدة الفراغ أو لم نقل ، نقول إنّ المركّب الذي حصل الشكّ في جزئه الأخير لا يصدق عليه أنّه قد مضى إلاّبعد الدخول في الغير ، إذ لو لم يدخل في شيء أصلاً كان من قبيل الشكّ في المحلّ بالنسبة إلى ذلك الجزء الأخير ، ولا يخرج عن كونه شكّاً في المحل إلاّبأن يدخل في شيء آخر ، وحينئذ نقول : إنّ ذلك الشيء إن كان مبطلاً لذلك المركّب كفى في صدق المضي على ذلك المركّب ، وإن لم يكن في البين ترتّب شرعي ولا عادي ، أمّا إذا كان ذلك الغير غير مبطل للمركّب فلا يكفي مجرّد الدخول فيه في صدق المضي على ذلك المركّب إلاّ إذا كان ترتّب ذلك الغير على ذلك المركّب وبالأحرى كان ترتّبه على الجزء الأخير ترتّباً عادياً ، وهذا الترتّب المدّعى هنا اعتباره بالنسبة إلى ذلك الغير لا دخل له بالغير المذكور في المقام الأوّل ولا الغير المذكور في المقام الثاني ، فإنّ الغير في المقام الأوّل خاصّ بالترتّب الشرعي بل بخصوص الأجزاء المستقلّة بالتبويب ، والغير في المقام