من الحال الأُخرى هي المقابلة لحال الوضوء التي هي عبارة عن حال الاشتغال بالوضوء ، فلابدّ أن يكون المراد به هي حال غير حال الوضوء لا حال وفعل آخر غير الوضوء ، وليس قوله « في الصلاة أو في غيرها » قرينة على أنّ المقصود بها حال وجودية ، فإنّه لمجرّد التعميم لحال غير الوضوء ، وأنّه أيّ حال كان ممّا هو غير حال الوضوء.
ويؤيّد هذا المعنى : أنّه لو كان المراد بقوله عليهالسلام « ما دمت في حال الوضوء » هو حال الاشتغال به ، وكان قوله عليهالسلام « في حال أُخرى » هي عبارة عن حال وجودية في قبال الوضوء ، لكان عليهالسلام قد أهمل صورة ثالثة وهي حال الفراغ من الوضوء من دون اشتغال بعمل آخر ، وهو بعيد من ظاهر الرواية أعني الحصر والاحاطة بشقوق المسألة ، اللهمّ إلاّ أن يدّعى أنّ هذه الحالة هي حال وضوء بمعنى كونه قاعداً على وضوئه لم يقم منه وإن فرغ من جزئه الأخير.
ومنه يظهر الحال في الموثّقة أعني موثّقة ابن أبي يعفور ، فإنّها بقرينة مقابلتها بقوله « إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه » يعطي أنّ المراد بقوله « وقد دخلت في غيره » هو مجرّد الفراغ من الوضوء وعدم كونه فيه ولم يجزه ، سيّما بملاحظة صدرها الذي ذكره في السرائر (١) أعني قوله : « وإذا بدأت بيسارك قبل يمينك ومسحت رأسك ورجليك ثمّ استيقنت بعد ( يعني بعد ذلك ) أنّك بدأت بها غسلت يسارك ثمّ مسحت رأسك ورجليك ، وإذا شككت » الخ ، فإنّ هذا اليقين لمّا كان بعد الفراغ من مسح الرجلين ، كان الشكّ المذكور بقوله عليهالسلام : « إذا شككت في شيء من الوضوء » هو الشكّ الواقع بعد مسح الرجلين ، وقد جعلت قوله عليهالسلام « وقد دخلت في غيره » كناية عن ذلك ، وإلاّ لكانت صورة الفراغ عن
__________________
(١) السرائر ٣ : ٥٥٤.