الوضوء مع عدم اشتغاله بفعل آخر خارجة عن كلا الشقّين ، وحيث إنّه لا ينبغي الريب في عدم دخولها في قوله « إنّما الشكّ » الخ ، فلا ينبغي [ الشكّ ] في دخولها في الشقّ الأوّل الذي حكم فيه بعدم الاعتناء.
ثمّ إنّ هذا كلّه على تقدير كون الضمير في « غيره » راجعاً إلى الوضوء ، أمّا لو قلنا بكونه راجعاً إلى الشيء لكانت أجنبية عن قاعدة الفراغ ، بل كانت عبارة عن قاعدة التجاوز ، غايته أنّها ساقطة لمعارضتها برواية زرارة من عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء ، وهي مقدّمة عليها لكونها صحيحة سنداً معمول بها عند الأصحاب ، فتأمّل.
ثمّ لو سلّم ظهور الروايتين في التقييد بالدخول بالغير ، فلا يمكن الخروج به عن مورده ، لأنّه لم يكن قيداً لكلّي قاعدة الفراغ ، وإنّما هو قيد لعدم الاعتناء بالشكّ بالوضوء بعد الدخول في غيره ، فيكون ذلك مختصّاً بباب الوضوء ، فلا وجه للتعدّي منه به إلى غيره من الأفعال المركّبة ، إذ لا بُعد في اختصاص الوضوء بذلك من بين سائر الأفعال ، كما قد اختصّ بعدم جريان قاعدة التجاوز فيه على ما حرّرناه من شمولها لكلّ فعل مركّب إلاّ الوضوء ، لكن هذا كلّه مبني على تعدّد القاعدتين ، وأنّ مثل رواية زرارة القائلة : « إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره » وكذلك رواية إسماعيل بن جابر القائلة : « كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره » (١) مختصّة بقاعدة التجاوز.
أمّا بناءً على مسلك شيخنا قدسسره من الوحدة ، وأنّ مثل هذه الكبرى المشتمل عليها الروايتان المذكورتان هي الكبرى الوحيدة المعبّر عنها بقاعدة الفراغ ، فلا يكون ما دلّ على اعتبار الدخول بالغير منحصراً بموثّقة ابن أبي يعفور ورواية
__________________
(١) تقدّمتا في الصفحة : ٣٠٦.