نقول : كما يمكن رفع اليد عن العموم ولو بطريقة التخصّص لأجل المفهوم ، فكذلك يمكن رفع اليد عن الظهور في المفهوم لأجل العموم ، ولو سلّم فلا أقل من إجمال الرواية المزبورة من هذه الناحية ، فيبقى العموم في صحيحة زرارة بحاله ، فيكون هو المرجع من هذه الجهة.
ثمّ لا يخفى أنّ محلّ الكلام إنّما هو في مثل خصوص الهوي إلى السجود مع الشكّ في الركوع ، ومثل النهوض إلى القيام مع الشكّ في السجود ، ومثل الشكّ في التشهّد بعد النهوض ، والشكّ في القراءة بعد الهوي إلى الركوع ، وهاتان الصورتان أهمّ من الصورتين السابقتين ، لكون الأُولى من السابقتين منصوصة بما يدلّ على عدم الاعتناء بالشكّ ، وهو رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لا ، قال عليهالسلام : قد ركع » (١) وسيأتي إن شاء الله (٢) التعليق على ما أفاده قدسسره في التنبيه الأوّل من الجمع بين هذا النصّ وغيره ممّا استفاد منه عدم جريان القاعدة في المقدّمات.
وأمّا الصورة الثانية فهي أيضاً منصوصة ، لكن بما يدلّ على الاعتناء بالشكّ ويكون موجباً لتخصيص عمومات قاعدة التجاوز ، وذلك النصّ هو ما عن أبان ابن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل رفع رأسه من السجود فشكّ قبل أن يستوي جالساً فلم يدر أسجد أم لم يسجد ، قال عليهالسلام : يسجد. قلت : فرجل نهض من سجوده فشكّ قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أسجد أم لم يسجد ، قال عليهالسلام : يسجد » (٣)
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣١٨ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ٦.
(٢) في الصفحة : ٣٦٠.
(٣) وسائل الشيعة ٦ : ٣٦٩ / أبواب السجود ب ١٥ ح ٦.