المشكوك الذي هو ـ أعني خروجه عن محلّ ذلك الجزء المشكوك وتجاوزه عنه ـ الأساس في الحكم بأنّه قد فعله في محلّه.
وبعبارة أُخرى : أنّ أساس هذا البناء العقلائي أو ذلك التعبّد الشرعي وهو التجاوز عن المحلّ وإن كان ملازماً للدخول في الغير ، إلاّ أنّ الدخول في الغير لا مدخلية له في ذلك الحكم ، وإنّما تمام ما له المدخلية فيه هو مجرّد المجاوزة عن محلّ الجزء المشكوك والخروج منه ، سواء كان خروجه منه إلى جزء آخر أو كان خروجه منه إلى مقدّمة من مقدّمات الجزء الآخر.
ولعلّ من لم يعتبر الدخول في المقدّمة نظر إلى أنّ مجرى هذه القاعدة هو المركّب من أجزاء متّصل بعضها ببعض ، ولا يكون الخروج عن السابق إلاّ بالدخول في نفس اللاحق ، فكان ذلك موجباً لحكمه بأنّه لابدّ في جريان قاعدة التجاوز من الدخول في الجزء اللاحق ، غفلة عن أنّه ربما كان للجزء اللاحق مقدّمة سابقة عليه فاصلة بينه وبين الجزء السابق.
وكيف كان ، فقد ظهر لك أنّ دعوى السنخية المذكورة لا يمكن الركون إليها في إتمام القول بأنّه لابدّ في المدخول فيه من كونه جزءاً لا مقدّمة جزء ، سواء قلنا بما أفاده شيخنا من وحدة القاعدتين ، أو قلنا بما تقدّم ذكره من تعدّدهما.
وحينئذ لابدّ في ذلك من الركون إلى الدعوى الثانية ، وهي دعوى استفادة ذلك من رواية إسماعيل بن جابر (١) ، بدعوى دلالتها على المفهوم الذي عرفت شرحه ، وأنّه مستفاد من كونها واردة في مقام تحديد أوّل حدّ لإجراء قاعدة التجاوز في الركوع مثلاً والسجود ، أو أنّه مستفاد من مفهوم الشرط باعتبار إرجاعه إلى القيد ، أو من مفهوم نفس القيد أعني قوله عليهالسلام « بعد ما قام » مثلاً ، وعلى أيّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣١٧ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ٤.