اشتملت عليه الرواية من قوله عليهالسلام : « هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ » (١) فيمكن القول بأنّه ليس من قبيل العلّة والعنوان ، بل هو من قبيل الحكمة كما سيأتي ذلك في ص ٢٤٢ (٢) وكما سيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل الكلام في ذلك.
ولكن لا يبعد القول بأنّها من الأُصول الاحرازية ، لكن لا يكون المحرز بها هو نفس الجزء المشكوك ، بل المحرز بها إنّما هو الصحّة أو التمامية ، في قبال الفساد أو النقصان بما يلزم قضاؤه أو سجود السهود له ، فإنّ هذا المقدار هو المحكوم به في قاعدة الفراغ ، حيث إنّك قد عرفت في بعض المباحث السابقة (٣) أنّها عبارة عن الحكم بالصحّة والتمامية في قبال احتمال الفساد والنقصان ، فهي لا تكون مزيلة إلاّلهذه الجهة من الشكّ ، وإن كانت هذه الجهة ناشئة عن الشكّ في وجود الجزء الفلاني ، ولأجل هذا التسبّب كانت قاعدة التجاوز حاكمة عليها.
ولا يخفى أنّ هذا الذي ذكرناه من عدم تعرّض قاعدة الفراغ لإثبات الجزء المشكوك وأنّها لا تتعرّض لأزيد من إحراز الصحّة والتمامية ، لا ينافيه ما اشتملت عليه الرواية المزبورة من قوله عليهالسلام : « هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ » لأنّ المراد الأذكرية من حيث التمامية في قبال احتمال النقص ، لا الأذكرية من حيث الاتيان بالمشكوك ، كما أنّه لا ينافيه ما تقرّر وتحقّق من حكومتها على استصحاب عدم الاتيان بالجزء المشكوك أو الشرط المشكوك ، وذلك لأنّ أثر ذلك الاستصحاب لمّا كان هو الحكم ببطلان الصلاة أو نقصانها ولزوم قضاء الجزء المتروك أو سجود السهو ، كانت القاعدة حاكمة عليه في هذا الأثر ، دون باقي آثاره
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٧١ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٦٥٠.
(٣) راجع الصفحة : ٢٦٢ و ٢٦٥ و ٢٩٢.