فالقاعدة إنّما هي عبارة عن طرد احتمال الترك الناشئ عن النسيان والغفلة عن الجزء والشرط بعد فرض العلم بوجوبه والالتفات إلى لزومه ، فلابدّ في جريانها من فرض العلم بالحكم والالتفات إليه حين الشروع في العمل ، بل لابدّ من الالتفات إلى الموضوع ، بمعنى أنّ الشكّ في تحقّق الاستقبال إنّما يكون مورداً لقاعدة الفراغ بعد فرض علم المكلّف بلزوم الاستقبال في الصلاة وأنّه شرط في صحّة الصلاة ، بل لابدّ أيضاً من الالتفات إلى جهة القبلة وأنّها هي هذه الجهة المعيّنة ، ليكون احتمال عدم تحقّق الاستقبال منه عند الصلاة ناشئاً عن احتمال النسيان للاستقبال حال الصلاة مع فرض علمه بوجوبه وأنّه إلى هذه الجهة ، فإنّه بعد الفراغ عن إحراز هاتين الجهتين لا يكون تركه للاستقبال إلاّعن نسيانه له وغفلته عنه عند الصلاة ، بخلاف ما لو كان جاهلاً بوجوب الاستقبال أو كان جاهلاً بجهة القبلة ، فإنّ احتمال تركه للاستقبال في هاتين الصورتين بعد الفراغ من الصلاة لا يكون ناشئاً عن احتمال نسيانه ، بل يكون ناشئاً عن الجهل بوجوبه أو عن الجهل بجهة القبلة.
والحاصل : أنّه لا محصّل لهذه القاعدة إلاّطرد احتمال النسيان وإثبات التذكّر والاتيان كما أُفيد في البحث الآتي في بيان الوجه في عدم جريانها في مورد احتمال الترك العمدي ، فيكون حاصل هذه القاعدة هو إثبات قصد الشرط مثلاً والاتيان ونفي السهو عنه ونسيانه ، ومحصّل ذلك هو نفي خصوص الترك السهوي وإثبات التمامية بإثبات قصد الفعل والاتيان به ، فلو أجريناها في من صلّى غفلة إلى جهة لا يعلمها فعلاً وكان حين الصلاة جاهلاً بالقبلة ، كان محصّلها هو إثبات الاستقبال الناشئ عن عدم القصد وطرد احتمال تركه المفروض أنّه لم ينشأ إلاّعن الجهل بالقبلة ، وذلك هو خلاف ما عرفت من ملاك هذه القاعدة الذي