ثمّ إنّ لازم الصورة الأُولى هو أن لا يكون دخوله في الصلاة منحصراً في الغفلة ، بل هو بعد الصلاة يحتمل أن يكون قد التفت وتوضّأ كما يحتمل أنّه لم يلتفت ولم يتوضّأ وقد صلّى بلا أن يحدث وضوءاً ، وحينئذ يدخل في الضابط الذي ذكرناه من أنّ احتمال تركه للوضوء في هذه الصورة يكون ناشئاً عن احتمال السهو عن لزوم الوضوء عليه ، كما أنّه يحتمل أن يكون قد التفت وتوضّأ ، وحينئذ يكون مجرى لقاعدة التجاوز.
وهذا بخلاف الصورة الثانية ومثالها أن يكون قبل الزوال ملتفتاً أنّه كان في الصباح محدثاً واحتمل أن قد توضّأ فجرى في حقّه استصحاب الحدث ، ثمّ لمّا دخل [ الزوال ] غفل عن ذلك كلّه ولم يتوضّأ ودخل في الصلاة غفلة ، وبعد الفراغ يكون عالماً بأنّه لم يلتفت إلى وجوب الوضوء عليه وأنّه كان غافلاً عنه ، وأنّه قد ترك ذلك الوضوء الذي كان لازماً عليه بحكم الاستصحاب السابق الذي هو في ظرفه غير محكوم لقاعدة التجاوز ، وإنّما أقصى ما عنده هو احتمال خطأ استصحابه السابق ، وأنّه كان قد توضّأ قبل التفاته إلى حدثه السابق ، يعني أنّه يحتمل أنّه قد توضّأ فيما بعد الصباح إلى أوان شكّه في بقاء حدثه كما أنّه يحتمل أنّه لم يتوضّأ ، ومن الواضح أنّ تركه ذلك الوضوء لم يكن داخلاً في الترك السهوي لشرط هذه الصلاة عند إقدامه عليها بعد الزوال ، فلا تطرده قاعدة الفراغ ، بل يكون مقتضى ذلك الاستصحاب السابق غير المحكوم لقاعدة الفراغ هو كون صلاته بلا وضوء ، وأنّها كانت مع الحدث فتلزمه الاعادة.
والظاهر جريان هاتين الصورتين فيما إذا لم يكن قبل العمل ملتفتاً إلى شيء من حاله ، لكنّه بعد الفراغ من الصلاة التفت إلى أنّه كان في الصباح محدثاً وشكّ في إيجاده الوضوء إلى ما قبل الزوال من جهة احتماله طروّ شيء مشروط