قلّده ، واكتفوا باحتمال انطباق المأمور به على المأتي به ، ولم يشترطوا احتمال مطابقة المأتي به لما هو المأمور به ، لتوجّه عليهم الايراد بجميع موارد العلم الاجمالي في الشبهات الحكمية الوجوبية المقرونة بالعلم الاجمالي ، فمن كان مردّداً بين كون الواجب عليه هو صلاة الظهر أو الجمعة ، لو أتى بأحدهما يسقط عنه الآخر ، لجريان قاعدة الفراغ في المأتي به الحاكمة بانطباق المأمور به عليه الموجبة للحكم بفراغ ذمّته عن الواجب الواقعي المردّد بينهما.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ قاعدة الفراغ لا تجري في الشكّ في أصل الاتيان بالمأمور به ، وإنّما تجري في مورد الشكّ في شرطه أو جزئه بعد الفراغ عن أصل الاتيان به ، وإلاّ لورد على شيخنا قدسسره أنّ من فاتته فريضة مردّدة بين الصبح والمغرب والعشاء وكان اللازم عليه قضاء ثلاث فرائض أنّه لو أتى بواحدة منها ثمّ نسيها وقد علم بعد ذلك أنّ الفائت منه هو العشاء ، تكون قاعدة الفراغ جارية في تلك التي نسيها ولم يعلمها بعينها ، وبذلك يثبت أنّها كانت عشاء ، ولا يلزمه بعد ذلك قضاء العشاء. بل يرد أيضاً أن تجري قاعدة الفراغ في من دخل عليه الفجر وقد صلّى صلاة ونسيها واحتمل أن تكون هي الصبح أو النافلة ، ولا جواب عن أمثال هذه الزخارف إلاّما ذكرناه من عدم جريان القاعدة في الشكّ في أصل الاتيان بما هو المأمور به.
قوله : وكذا الكلام فيما إذا كان المكلّف عالماً بجهة القبلة وبعد الصلاة شكّ في مطابقة علمه للواقع ... الخ (١).
وهكذا الحال في من كان قاطعاً بأنّه متطهّر من الحدث فصلّى ثمّ شكّ في ذلك القطع ، وكذا لو كان قاطعاً بذلك فشكّ فاستصحب الطهارة فصلّى ثمّ بعد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٥٢.