تطرد احتمال تركه نسياناً ، فكذلك تطرد احتمال تعمّد تركه.
ثمّ لو أُغضي النظر عن ذلك وأخذنا بجانب هذا التعليل بناءً على اختصاصه بطرد احتمال الترك نسياناً ، فذلك التعليل إنّما هو في قاعدة الفراغ دون قاعدة التجاوز ، وحينئذ فلنقل بسقوط قاعدة الفراغ ، لكن لا مانع من الركون إلى قاعدة التجاوز حتّى لو طرأ الشكّ المذكور بعد الفراغ ، لما عرفت مراراً من جريان قاعدة التجاوز في مورد قاعدة الفراغ وأنّها حاكمة عليها ، أو أنّهما يجريان معاً من دون حكومة للأُولى على الثانية.
نعم ، فيها إشكال آخر وهو ما أشرنا إليه في المباحث السابقة (١) من كون جريانها في التشهّد بعد الدخول في القيام موجباً لإحراز صحّة ما يأتي من الأجزاء التي هي بعد التشهّد ، وأنّها كافية في إحراز شرط تلك الأجزاء الذي هو كونها بعد التشهّد ، من جهة أنّ تطبيق عموم قاعدة التجاوز على الجزء الذي احتمل تركه نسياناً ، لو لم يكن في البين ذلك التصرّف الشرعي الزائد على أصل قاعدة التجاوز أعني تحقّق الشرط فيما بعد ما جرت فيه ، لكان جريان القاعدة فيه لغواً ، فاخراجاً لعموم قاعدة التجاوز عن اللغوية بعد فرض تطبيق الشارع لها على موارد الترك نسياناً ، نقول إنّه لابدّ أنّه قد تحقّقت عند الشارع تلك العناية ، وهذا بخلاف ما نحن فيه فإنّه متوقّف على عناية أُخرى ، حيث إنّ الأجزاء اللاحقة على تقدير تعمّد ترك السابق تكون من تعمّد الزيادة ، فنحتاج في تطبيق قاعدة [ التجاوز ] على احتمال الترك العمدي إلى عناية فيما يتعقّبه من الأجزاء وأنّها لا تكون زيادة عمدية ، وحيث لم تثبت تلك العناية لم يكن في وسعنا تطبيق العام في هذا المورد لنستكشف منه تحقّق تلك العناية عند الشارع.
__________________
(١) في الصفحة : ٣٦٦ ـ ٣٦٧.