البيع وإن أوجبت الحكم بصحّة البيع ، إلاّ أنّ أصالة عدم البيع إلى ما بعد الرجوع لا تكون حاكمة ببطلان البيع وإن حكمت بصحّة الرجوع ، فهي ـ أعني أصالة عدم البيع إلى ما بعد الرجوع ـ لا تكون معارضة لأصالة عدم الرجوع إلى ما بعد البيع بالنسبة إلى البيع نفسه ، لكن لمّا كان أحد الأصلين قاضياً بصحّة الرجوع وكان الآخر قاضياً بصحّة البيع كانا متعارضين من هذه الجهة ، وبعد التساقط يكون المرجع هو أصالة عدم ترتّب الأثر وعدم النقل والانتقال ، فتأمّل. ولو قيل بالتعارض بين هذين الأصلين كان المقام من قبيل التداعي.
وللسيّد قدسسره في قضاء العروة كلام استغربته ، أشكل به على التمسّك بأصالة الصحّة في الرجوع وحاصله : أنّه لا معنى لحمل فعل شخص على الصحّة وجعله حجّة على الطرف المقابل ، وفي المقامات التي يقدّم فيها قول مدّعي الصحّة إنّما يكون حمل فعله على الصحّة حجّة عليه للطرف المقابل ، وهذا واضح (١).
ونظير ذلك ما ذكره في الردّ على التمسّك بأصالة الصحّة في مورد بيع الراهن ورجوع المرتهن عن إذنه مع الشكّ في المقدّم منهما ، من أنّ ذلك إنّما هو فيما كان مدّعي الفساد طرفاً في المعاملة ليكون فعله حجّة على نفسه ، وفي المقام ليس مدّعي الفساد طرفاً في البيع بل هو شخص آخر ، فيلزم من حمله على الصحّة كون فعل شخص حجّة له على غيره (٢).
ويلزمه أن لا يكون الزوج منكراً فيما لو ادّعت الزوجة فساد الطلاق لكونه في أيّام الحيض ، ولا أظنّه يلتزم بذلك ، وليس كون صحّة عمل شخص حجّة على طرفه في باب المخاصمة بأعظم من كون أحدهما مجرى للبراءة في كونه حجّة على الآخر فيما لو ادّعى زيد على عمرو ديناً فأنكره عمرو هذا.
__________________
(١) العروة الوثقى ٦ : ٦٩٥.
(٢) العروة الوثقى ٦ : ٦٧٧ ـ ٦٧٨.