مضافاً إلى أنّه لا دليل على الاختصاص المزبور ، اللهمّ إلاّ أن يدّعى قصور السيرة والإجماع عن الشمول لمثل ذلك ، هذا. مع أنّ ظاهر كلامه هو الاختصاص بخصوص باب الترافع ، أعني أنّ ما أفاده من أنّ حمل فعل الشخص على الصحّة لا يكون حجّة على الطرف المقابل إنّما يوجب سقوط أصالة الصحّة المذكورة في خصوص باب الترافع ، دون ما إذا لم يكن في البين ترافع ، ولعلّ المنشأ في هذه الدعوى هو ما أفاده ـ بعد أن استشكل من اجراء أصالة الصحّة في قبال الأُصول الموضوعية ـ بقوله : نعم ، يمكن أن يقال إنّ الوجه في تقديم قول مدّعي الصحّة أخذ مدّعي الفساد باعترافه بوقوع المعاملة الظاهرة في الصحيحة ، فيكون في دعوى ما يوجب الفساد مدّعياً ، فعليه إثباته كما في سائر موارد الإقرار إذا ادّعى بعده ما ينافيه ، وعليه ففي جميع الصور المذكورة يقدّم قول مدّعي الصحّة إلاّفي مورد لا ينفذ إقراره الخ (١) ، بتقريب أنّ إقراره بالمعاملة إنّما يكون إذا كان هو الموقع لها ، فإنّ إيقاعه لها يكون عبارة أُخرى عن إقراره بها ، وحينئذ لا يدخل في هذا الأصل إلاّمن كان هو الفاعل ، بحيث كان الفاعل هو المدّعي لفساد فعله ، دون ما لو كان المدّعي للفساد شخصاً آخر.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّه بناءً على كون المدرك في تقديم مدّعي الصحّة هو هذا الذي أفاده لا ينحصر الاقرار بالمعاملة بإيقاعها ، بل يمكن أن تقع ويعترف الشخص الآخر بوقوعها لكن يدّعي فسادها ، هذا.
مضافاً إلى فساد هذا المبنى من أصله ، لأنّ أصالة الصحّة إن كانت من الأُصول العقلائية التي يجري عليها العقلاء بحيث كانت حجّة شرعية ولو في غير المخاصمة ، كان ذلك كافياً في كون مدّعيها منكراً وكون مدّعي الفساد مدّعياً ، وإن لم تكن في حدّ نفسها مرجعاً في غير باب المخاصمة لم يكن اعتراف الشخص
__________________
(١) العروة الوثقى ٦ : ٦٧٣.