ـ أعني انتقال المبيع منه إلى المشتري ـ هو مركز المخاصمة ، بل إنّهما بالقياس إلى هذا من قبيل المعترف بالحقّ لطرفه مع كون طرفه نافياً له عن نفسه ، وإنّما مركز المخاصمة هو دعوى استحقاق البائع الدينار ، وقد عرفت أنّ أصالة الصحّة لا يترتّب عليها هذا الأثر.
وبتقرير أوضح : أنّ ما يمكن أن نحكم به بمقتضى أصالة الصحّة ـ من صحّة العقد وانتقال المبيع إلى المشتري ـ ليس هو مركز المخاصمة كي يكون قول البائع مطابقاً للأصل ، لأنّ جميع هذه الآثار من تمامية العقد وانتقال المبيع إلى المشتري لا تضرّ بما يرومه المشتري من دفع البائع عن ذلك الدينار ، ولا يكون شيء منها مثبتاً ، لأنّ هذا الدينار يستحقّه البائع الذي هو عبارة عمّا يدّعيه البائع ، وحينئذ يكون المرجع في الدينار إلى أصالة عدم الانتقال ، فيكون الأصل مطابقاً لقول المشتري وهو أصالة عدم الانتقال ، فيكون هو المنكر.
ثمّ إنّ أصالة الصحّة بل اعتراف البائع وإن اقتضى انتقال المبيع إلى المشتري ، إلاّ أنّ دعوى المشتري الفساد يكون إقراراً منه بعدم انتقال المبيع إليه ، فلا يمكنه أخذه كي يكون جامعاً بين العوض والمعوّض مع العلم الاجمالي بخروج أحدهما عن ملكه.
ولو كان الأمر بالعكس بأن كان المشتري يقول بصحّة البيع وأنّ الثمن كان هو الدينار ، لكن البائع يدّعي الفساد وأنّ الثمن كان خمراً ، كان المنكر هو المشتري أيضاً فيما هو محلّ النزاع بينهما من استحقاقه المبيع ، لاتّفاقهما على وقوع النقل على ذلك المبيع والمشتري يدّعي صحّته والبائع يدّعي فساده ، أمّا قول المشتري بأنّ الثمن هو الدينار فذلك عبارة أُخرى عن الاعتراف منه للبائع بأنّه يستحقّ عليه ذلك الدينار مع كون البائع ينفيه عن نفسه ، فليس ذلك ـ أعني