الكلام إلى دليل أصالة الصحّة الذي هو الإجماع ، فنقول :
إن كان في البين معقد إجماع وكان مطلقاً شاملاً لموارد الأُصول الموضوعية النافية للشرط المشكوك ، فلا علاج لذلك التعارض ، فلابدّ حينئذ من التساقط والرجوع إلى أصالة عدم ترتّب الأثر على تلك المعاملة ، للعموم من وجه بين دليل أصالة الصحّة وبين أدلّة تلك الأُصول النافية ، لكون الأوّل شاملاً للموارد التي لا توجد فيها تلك الأُصول النافية وللموارد التي توجد فيها تلك الأُصول النافية ، والثاني شاملاً لموارد أصالة الصحّة والموارد التي هي خارجة عن مورد أصالة الصحّة من سائر موارد الأُصول النافية ، فما أُفيد من كون أصالة الصحّة أخصّ من تلك الأُصول النافية فتكون مقدّمة عليها ممّا لم يظهر وجهه.
وما أُفيد في توجيهه ممّا ربما يظهر من قوله : فإن استفيد منه كون أصالة الصحّة من الأُصول الموضوعية والحكمية ، بمعنى أنّها تجري في جميع موارد الشكّ في الصحّة والفساد ـ إلى قوله ـ فلا محالة تكون أصالة الصحّة أخصّ مطلقاً من الاستصحاب ، فإنّه ليس في مورد من موارد أصالة الصحّة إلاّوالاستصحاب على خلافها ، فمقتضى صناعة الاطلاق والتقييد تخصيص الاستصحاب بما عدا الشكّ في صحّة العقد وفساده مطلقاً (١) ، ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّه قدسسره جعل دليل أصالة الصحّة في قبال دليل كلّي الاستصحاب ، فلابدّ حينئذ من القول بأنّ دليل أصالة الصحّة أخصّ مطلقاً من دليل الاستصحاب ، فإنّ جميع موارد دليل أصالة الصحّة لا تخلو من الاستصحاب ، ولا أقل من أصالة عدم ترتّب الأثر الذي هو النقل والانتقال.
ولكن ذلك محلّ تأمّل وإشكال ، وتوضيح هذا الإشكال يتوقّف على تمهيد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٧٧ ـ ٦٧٨.