ومورداً للمعارضة بينهما ، وحينئذ لابدّ في هذه الموارد من الالتزام بالتساقط والرجوع فيها إلى أصالة عدم ترتّب الأثر.
إلاّ أن ندّعي أنّ أصالة الصحّة من قبيل الظهور في الجامعية ، وحينئذ تكون حاكمة ومقدّمة على الأصل ، هذا كلّه على تقدير أن يكون لنا دليل لفظي يدلّ على أصالة الصحّة ، ولو كان ذلك الدليل اللفظي هو معقد الإجماع.
أمّا إذا لم يكن لنا مثل ذلك الدليل اللفظي كما هو الظاهر ، وبقينا نحن وبناء العقلاء وسيرة المسلمين والإجماع العملي ، فإن ثبت بناء العقلاء أو السيرة أو الإجماع على إجراء أصالة الصحّة في الموارد التي هي في حدّ نفسها مجرى للأُصول الموضوعية النافية للشرط المشكوك الوجود ، كان ذلك عبارة أُخرى عن قيام الدليل القطعي على سقوط تلك الاستصحابات في الموارد المذكورة ، وقهراً يكون دليل الاستصحاب مختصّاً بما عدا تلك الموارد.
وإن لم يثبت بناء العقلاء أو السيرة أو الإجماع على إجراء أصالة الصحّة في خصوص تلك الموارد ، وكان القدر المتيقّن هو جريانها فيما عداها ممّا لا يوجد فيه تلك الأُصول الموضوعية النافية للشرط المشكوك ، كان المتعيّن هو الرجوع في تلك الموارد إلى الأُصول الموضوعية النافية للموضوع ، من دون فرق في ذلك كلّه بين القول بأنّ أصالة الصحّة من الأُصول الاحرازية والقول بأنّها من الأُصول غير الاحرازية.
قوله : فإن استفيد منه كون أصالة الصحّة من الأُصول الموضوعية والحكمية ... الخ (١).
لا يخفى أنّ كون أصالة الصحّة أصلاً حكمياً أو موضوعياً إنّما يترتّب على
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٧٧.