ومن ذلك كلّه يظهر لك الخدشة فيما أُفيد في صدر البحث بقوله : فإنّ الأمارات المتعارضة بناءً على السببية فيها إنّما تندرج في صغرى التزاحم ، سواء قلنا بالسببية الباطلة التي ترجع إلى التصويب ، أو قلنا بالسببية الصحيحة التي توافق مسلك المخطّئة الخ (١) ، فإنّه قد ظهر لك أنّه بناءً على سببية المخطّئة التي هي الالتزام بالمصلحة السلوكية الراجعة إلى لزوم تدارك ما يفوت المكلّف من مصلحة الواقع ، لا يخرجها عن باب التعارض ويدرجها في باب التزاحم.
ومن ذلك كلّه يظهر لك الجواب عن النقض الذي في الحاشية (٢) على ما أُفيد في المتن ، من دعوى اختصاص الأُصول بصورة الانسداد ، فإنّ الأُصول الجارية في الشبهات الموضوعية وإن كانت في مورد الانفتاح لعدم لزوم الفحص فيها ، إلاّ أنّا لو التزمنا بالمصلحة السلوكية فيها لم يكن ذلك موجباً لدخولها في باب التزاحم وأصالة التخيير. نعم هذا النقض وارد على المتن باعتبار التزامه بأنّ الالتزام بالمصلحة السلوكية موجب لدخول المسألة في باب التزاحم وجريان أصالة التخيير ، فتأمّل.
قوله : وأمّا الأُصول العملية ـ إلى قوله ـ فلا تندرج في صغرى التزاحم ... الخ (٣).
لا يخفى أنّه يتأتّى في الأُصول العملية ما تأتّى في الأمارات من شبهة تفويت المصالح الواقعية ، ولابدّ في الجواب عن هذه الشبهة فيها بنحو ما تقدّم ، فإنّها وإن كانت في فرض انسداد باب العلم في مجاريها ، إلاّ أنّه مع إمكان
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٨٨.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٦٩٠ ( الهامش ٢ ).
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٦٩٠ ـ ٦٩١.