مجرّد التمكّن من تحصيل العلم موجب لتحصيله ، بخلاف التمكّن من الاحتياط فإنّه لا يوجب الاحتياط إلاّبموجب شرعي نعبّر عنه بمتمّم الجعل ، ويستكشف منه أهميّة ذلك الواقع على وجه يحتاج إلى جعل الاحتياط الذي هو متمّم الجعل ، ففي مورد عدم الدليل على الاحتياط يستكشف منه عدم تلك الأهمية على الوجه المذكور ، بل تكون الارادة الواقعية غير مقتضية للتأثير إلاّفي حال قيام الحجّة عليها ، وبذلك أجبنا عن الاستدلال على القول بالاحتياط في الشبهات البدوية بما حاصله أنّ المصلحة التي اقتضت جعل التكليف تكون مقتضية لجعل الاحتياط وإلاّ لفاتت المصلحة الواقعية ، انتهى.
وتوضيح المبحث بنحو أخصر : هو أنّ المدار في الاحتياج إلى المصلحة السلوكية على إمكان الاحتياط وعدمه ، فإن كان الاحتياط ممكناً كان جعل الطرق والأمارات وكذلك جعل الأُصول العملية مفوّتاً للواقع وموجباً للوقوع في المفسدة أو تفويت المصلحة ، فلابدّ من الالتزام بالمصلحة السلوكية سواء كان باب العلم منفتحاً أو كان منسدّاً. وإن [ كان ] الاحتياط غير ممكن كنّا في غنى عن المصلحة السلوكية ، فتكون الصور في جعل الطرق أربعاً ، كما أنّها في جعل الأُصول أربع أيضاً.
أمّا صور جعل الطرق ، فالأُولى منها : أن يكون باب العلم منفتحاً ويكون الاحتياط ممكناً ، وفي هذه الصورة لابدّ من المصلحة السلوكية.
الثانية : أن يكون باب العلم منفتحاً ويكون الاحتياط غير ممكن. وفي هذه الصورة لا حاجة إلى الالتزام بالمصلحة السلوكية ، لإمكان كون موارد الخطأ في العلم الذي يحصّله المكلّف أكثر منه في الأمارات ، هذا لو رجعنا إلى تحصيل العلم ، ولو رجعنا إلى التخيير فكذلك أيضاً يمكن أن يكون موارد خطأ التخيير