استصحاب النجاسة في كلّ من الاناءين اللذين علم بتطهّر أحدهما.
نعم ، ينفرد هذا الأصل التنزيلي مثل أصالة الحل عن الأصل غير التنزيلي مثل البراءة التي يتكفّلها حديث [ الرفع ] في جريانه في مسألة اللباس المشكوك المأخوذ من حيوان ذكّيناه وشككنا في أنّه حرام الأكل مثل الأرنب أو أنّه حلال الأكل مثل الغنم ، فإنّه يجوز الصلاة في شعره اعتماداً على قاعدة الحل ، بناءً على أنّ الشرط هو كونه مأخوذاً ممّا يحلّ أكل لحمه لا كونه غنماً ، بخلاف ما لو اعتمدنا في جواز الاقدام على أكل لحمه على حديث الرفع ، فإنّ مجرّد البراءة الشرعية ورفع الحرمة المجهولة لا يصحّح جواز الصلاة في شعره ما لم يحكم عليه بأنّه حلال كما هو مفاد قاعدة الحل.
وبالجملة : أنّ قاعدة الحل تكون نافعة في المقام كما ينفعنا الأصل الاحرازي الذي هو استصحاب الحلّية لو كان جارياً ، بخلاف الأصل غير الاحرازي الذي هو مثل مفاد حديث الرفع فإنّه لا ينفعنا في جواز الصلاة في شعره وإن أمكننا الإقدام على أكل لحمه.
ثمّ لا يخفى أنّه يمكن القول بأنّ قاعدة الحل في مثل ذلك حاكمة على البراءة الشرعية ، لأنّها بتكفّلها تنزيل المشكوك منزلة الحلال الواقعي تخرج المورد عن كونه ممّا لا يعلم حكمه من حيث الحلّية والحرمة ، هذا كلّه في شرح حال الأُصول التنزيلية.
وأمّا الأُصول الاحرازية مثل الاستصحاب فهي في الحقيقة بمنزلة الأمارة من جهة كونها بنفسها كاشفة عن الواقع كشفاً ظنّياً نوعياً ولو باعتبار غلبة بقاء ما كان متيقّن الحدوث ، غايته أنّ حجّية ذلك الكشف مقصورة على الآثار اللاحقة لنفس المتيقّن التي يكون رفع اليد عنها نقضاً لليقين به ، فلا يتعدّى عنها إلى الآثار