الحكم على المشكوك بأنّه حلال ليكون مفادهما جعل الحكم في مورد الشكّ ، غايته أنّها تكون حلّية لاحقة للشيء بعنوانه الثانوي الذي هو الشكّ ، في قبال الحلّية المجعولة له بعنوانه الأوّلي أعني كونه غنماً مثلاً أو ماءً ، فإنّها بناءً على ذلك تتضمّن حكماً واقعياً ثانوياً ، وتكون من هذه الجهة ملحقة بالأصل غير الاحرازي وغير التنزيلي.
وبالجملة : لا ينبغي الريب في بطلان هذا الوجه في قاعدتي الطهارة والحل وقاعدة الحرمة في الأموال والنفوس والأعراض ، إذ لا يمكن الالتزام بلازمه ، حيث إنّه إذا كان مفاد قاعدة الطهارة هو جعل الحكم في مورد الشكّ بأن تكون متضمّنة للطهارة الثابتة للشيء بعنوانه الثانوي ، لم تكن نافعة في جواز الإقدام على الوضوء بالماء المشكوك الطهارة إن كان الشرط هو خصوص طهارة الماء الثابتة له بعنوانه الأوّلي ، وإن كان الشرط هو الأعمّ من الطهارة الثابتة له بعنوانه الأوّلي والطهارة الثابتة له بعنوانه الثانوي ، كان لازمه صحّة الوضوء واقعاً لو تبيّن بعد الفراغ منه نجاسة ذلك الماء ، وكلّ منهما لا يمكن الالتزام به ، فلابدّ حينئذ من القول بأنّ مفادها هو التنزيل ، فتكون أصلاً تنزيلياً فائدته جواز الاقدام في مثل الفرض ، وأنّه لو تبيّن الخلاف بعد الفراغ كان عليه الاعادة لانكشاف الخطأ في ذلك الأصل ، وذلك واضح.
ثمّ إنّ هذه الأُصول التنزيلية تشارك الأُصول غير الاحرازية وغير التنزيلية في عدم قيامها مقام القطع الطريقي ، كما أنّها تشاركها في إمكان جريانها في أطراف العلم الاجمالي إذا لم يلزم منه المخالفة العملية ، كما لو علمنا بحرمة أحد المالين وحلّية المال الآخر ، فإنّ أصالة الحرمة المقابلة لأصالة الحل تجري في كلّ من الطرفين ، ولا يجري فيها الإشكال الذي يجري في الأصل الاحرازي مثل