الأصلان في موردين ، أمّا إذا كانا في مورد واحد ففيه مانع آخر من جريانهما وهو لزوم التناقض ، إذ لا يصحّ الحكم على الشيء الواحد بكلّ من الطهارة والنجاسة أو الحدث والطهارة منه وإن لم يكن في البين مخالفة قطعية ، ويكون ذلك من قبيل ما ذكروه من قيام الإجماع على وحدة حكم الماء الواحد في مسألة المتمِّم والمتمَّم الذي يكون مانعاً من جريان الأصلين المزبورين (١) بل إنّ المسألتين من
__________________
(١) والحاصل : أنّ المانع من جريان استصحاب النجاسة في الاناءين المسبوقين بالنجاسة مع العلم بحصول الطهارة لأحدهما ، إن كان هو كون مؤدّاهما على خلاف ما هو معلوم تفصيلاً من ارتفاع النجاسة في أحدهما كما ربما يظهر من بعض عبائر الكتاب ، ففيه أوّلاً : أنّ العلم التفصيلي بالخلاف كما يمنع من الأُصول الاحرازية فكذلك هو مانع من الأُصول غير الاحرازية ، فما وجه التخصيص بالأُصول الاحرازية. وثانياً : أنّه ليس في البين علم تفصيلي ، وإنّما هو العلم الاجمالي بطهارة أحدهما دون العلم التفصيلي. وثالثاً : أنّ ذلك منقوض بالأُصول الاحرازية الموجبة للتفكيك بين اللوازم ، كما في من توضّأ بمائع مردّد بين البول والماء ، وفي مثل استصحاب الحياة وعدم نبات اللحية.
ودعوى الفرق بين ما نحن فيه وما هو من هذا القبيل ممّا يرجع إلى التفكيك بين المتلازمين ، بوجود القدر الجامع بين المستصحبين فيما نحن فيه وهو نجاسة كلّ من الاناءين ، بخلافه في تلك الأمثلة فإنّ المستصحبين فيها لا جامع بينهما.
ممنوعة أوّلاً : أنّ وجود القدر الجامع بين المستصحبين لا أثر له في المنع ، إذ ليس المستصحب فيما نحن فيه هو ذلك القدر الجامع ـ أعني نجاسة الاناءين ـ كي يكون العلم الاجمالي أو التفصيلي بخلافه مانعاً ، لأنّ ذلك إنّما يتمّ لو لم يكن في البين إلاّ استصحاب واحد لنجاسة كلّ من الاناءين وهو خلاف المفروض ، فإنّ المفروض إنّما هو استصحاب نجاسة هذا الاناء في قبال استصحاب نجاسة ذلك الاناء ، على نحو يكون كلّ استصحاب جارياً في مورده على حدة.