__________________
بينهما من هذه الجهة ، لا من جهة مجرّد الجمع بين الاحرازين ، وهذا بخلاف الأُصول ولو كانت إحرازية ، فإنّها لمّا لم يترتّب عليها لازمها وهو رفع مؤدّى الآخر ، لم يكن مانع من جريانهما معاً ، هذا.
ولكن النفس غير قانعة بذلك ، فإنّها تجد العلم الاجمالي بخلاف الاحرازين موجباً للوقفة في إمكان التعبّد بهما ، وحينئذ يبقى سؤال الفرق بين استصحابي النجاسة في كلّ من الاناءين واستصحابي مثل طهارة الأعضاء وبقاء الحدث ، وعلى الاجمال نحن نرى بحسب الارتكاز فرقاً بين هذين الموردين بحسب أنّا نجد من أنفسنا الفرق الارتكازي بينهما ، ولكن ما هو السرّ في هذا الفرق الارتكازي.
ولعلّ السرّ في ذلك الفرق الارتكازي هو أنّ العلم في الأوّل يتعلّق ابتداءً بما هو مورد الاحراز ، حيث إنّ المكلّف في الصورة المفروضة قد تعلّق علمه ابتداءً بطهارة أحد الاناءين ، وهذا المتعلّق بنفسه مضادّ ابتداءً لما هو مورد الاحراز في كلّ من الاناءين ، فلذلك نجد من أنفسنا أنّ التعبّد باحراز بقاء النجاسة في هذا الاناء وإحراز بقائها في الاناء الآخر مضادّ لما نعلمه إجمالاً من طهارة أحدهما ، بمعنى أنّا نجد من أنفسنا أنّه لا يمكن الجمع بين هذين الاحرازين ، لأنّ العلم الاجمالي المتعلّق ابتداءً بضدّ أحد المحرزين يأبى من الجمع بين هذين الاحرازين ، وهذا بخلاف بقية الصور ممّا يرجع إلى التفكيك بين المتلازمين ، فإنّ العلم الاجمالي في صورة الوضوء بالماء المردّد لم يتعلّق ابتداءً بما هو ضدّ لأحد المحرزين ، بل إنّما تعلّق ابتداءً بالوضوء بالمائع المردّد ، ولكن بواسطة ذلك الترديد ينشأ له علم إجمالي بأنّه إن كان ذلك المائع بولاً فقد تنجّست أعضاؤه وبقي حدثه بحاله ، وإن كان ماءً مطلقاً فقد ارتفع حدثه وبقيت طهارة أعضائه ، وبواسطة هذا الترديد يحصل له العلم الاجمالي إمّا بارتفاع حدثه أو بارتفاع طهارة أعضائه ، وهذه الدرجة الأخيرة من العلم تعاند الجمع بالتعبّد باحراز بقاء طهارة أعضائه والتعبّد باحراز بقاء حدثه ، فلمّا لم يكن متعلّق العلم ابتداءً مصادماً للجمع بين ذينك التعبّدين ،